للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال من الفقهاء: إنَّ الشمس تنخسف في غير وقت الاستسرار، فقد غلط، وقال ما ليس له به علم، فالكسوف له أوقات مقدرة، كما لطلوع الهلال وقت مقدر.

وأما ما ذكره طائفة من الفقهاء من اجتماع صلاة العيد وخسوف الشمس، فكمن يقدرون مسائل يُعْلَمُ أنَّها لا تقع، ولكن ذكروها لتحرير القواعد، وتمرين الأذهان على ضبطها.

٤ - روى مسلم (٩٠١) من حديث عائشة؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباد"، وقال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)} [الإسراء].

فهذا هو السبب الشرعي الغيبي، الذي لا يعلم إلاَّ من قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، في أمر الكسوف والخسوف.

أما السبب الحسي له: فهو يعلم عن طريق الحساب الفلكي؛ فإنَّ الكواكب بعضها أبعد عنَّا من بعض، فيمر كوكب منها أمام كوكب أبعد منه، فيحجب الأدنى منها الأعلى عن كوكبنا الأرضي، فإن حال القمر بيننا وبين الشمس، حصل كسوف الشمس، وإن وقعت الأرض بين الشمس والقمر حصل خسوف القمر.

ولما كان الكسوف ليس من الأمور العادية لسير الكواكب، وإنما هو شيء خارج عن العادة -كانت صلاته صلاة رهبةٍ وخشيةٍ، فكانت صفتها وهيئتها ليست كالصلوات المعتادة، وبهذا يتناسب الأمر الشرعي مع الأمر الكوني القدري.

٥ - وجود عادة جاهلية هي قولهم: إنَّ الشمس والقمر لا ينكسفان إلاَّ لموت عظيمٍ، أو حياة عظيم.

قوله: "إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد،

<<  <  ج: ص:  >  >>