للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* خلاف العلماء:

أجمع العلماء على مشروعية العمرة، وأنَّها من شعائر الله تعالى، ولكنهم اختلفوا في حكمها، فأهل الحديث، والإمامان الشافعي وأحمد، يرون وجوبها مرَّة واحدة في العمر على المستطيع كالحج.

كما روي وجوبها عن جماعة من الصحابة والتابعين، منهم عُمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وطاوس، والحسن البصري، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء.

أما الإمامان: أبو حنيفة ومالك وأتباعهما فيرون استحبابها فقط، وقد روي ذلك عن ابن مسعود ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وقال شيخ الإسلام في الاختيارات: "والقول بوجوب العمرة على أهل مكة قول ضعيف جدًا، مخالف للسنة الثابتة، ولهذا كان أصح الطريقين عن أحمد أنَّ أهل مكة لا عمرةً عليهم روايةً واحدةً وفي غيرهم روايتان".

وقد ذكر هذه الرواية في المغني فقال: "وليس على أهل مكة عمرة" نصَّ عليه أحمد، وقال: كان ابن عباس لا يرى العمرة واجبة، ويقول: يا أهل مكة ليس عليكم عمرة، إنّما عمرتكم طوافكم بالبيت، ووجه ذلك أنَّ ركن العمرة ومظهرها الطواف بالبيت، وهم يفعلونه فأجزأ عنهم" اهـ.

فأما دليل الموجبين مطلقًا فمثل قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]، والأمر يقتضي الوجوب، وقد قرنها بالحج، والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه، ولما رواه الترمذي (٨٥٢) وصححه أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لسائل: "حُجَّ عن أبيك واعتمر" وبما أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٨٤) عن زيد بن ثابت بلفظ "الحج والعمرة فريضتان".

وأما القائلون بعدم وجوبها، فيقولون إنَّ الأصل البراعة من الوجوب، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>