للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* خلاف العلماء

اختلف العلماء في حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، هل هو قارن، أو متمتع، أو مفرد؟ فكل طائفة من العلماء ذهبت إلى نوع.

فالذين يرون أنَّه حج متمتعًا، دليلهم: ما جاء في صحيح، ومسلم (١٢٢٧) عن ابن عمر قال: "تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج".

وأمّا من يرون أنَّه حج مفردًا، فدليلهم حديث الباب، وما رواه مسلم (١٢١١) عن عائشة "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد بالحج".

وأما من يرون أنَّه حج قارنًا، فاستدلوا بما رجَّحه المحققون من العلماء، ومنهم ابن القيم، الذي ساق ما يزيد على عشرين حديثًا صحيحًا في ذلك، وقال الإمام أحمد: "لا شكَّ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- حجَّ قارنًا".

وشيخ الإسلام ابن تيمية من الذين يجزمون بأنه حج قارنًا، ويوفق بين روايات الأحاديث التي ظاهرها التعارض، فيقول: الصواب أنَّ الأحاديث في هذا الباب متفقة، إلاَّ اختلاف يسير يقع مثله في غير ذلك.

فإنَّ الصحابة ثبت عنهم "أنَّه متمتع" والتمتع عندهم يتناول القِران، والذين يرون أنَّه أفرد روي عنهم التمتع، فيريدون بالإفراد إفراد أعمال الحج، بحيث لم يسافر للنسكين سفرتين، ولم يطف لهما طوافين، ولم يَسْعَ لهما سعيين، فيقال: تمتع قِران، وإفراد أعمال الحج، وقرن النسكين.

واختلفوا أي الأنساك الثلاثة أفضل:

قال الإمام أحمد يرى أنَّ التمتع أفضل، ويقول: لا شكَّ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا، والمتعة أحب إلي، لأنَّها آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لما سُقت الهدي، ولأحللتُ معكم"، فهو تأسف على فواته، وأمر أصحابه أن يفعلوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>