للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن كثير: هذا خبرٌ من الله تعالى بأنَّ الزاني لا يطأ إلاَّ زانيةً، أو مشركة، أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلاَّ زانيةٌ عاصية، أو مشركةٌ لا ترى حرمة ذلك، وكذلك الزانية: {لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: ٣] أي عاصٍ بزناه، أو مشركٌ لا يعتقد تحريمه.

قال النووي: عن حبيب بن أبي عمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ليس هذا بالنكاح، وإنَّما هو الجماع، لا يزني إلاَّ زانٍ أو مشركٌ.

وهذا إسنادٌ صحيح، وروى ابن أبي حاتم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينكح الزاني المجلود إلاَّ مثله".

وقال ابن جزي: معنى الآية ذم الزناة، وتشنيع الزنا، وأنَّه لا يقع فيه إلاَّ زانٍ أو مشركٌ، ولا يوافقه عليه من النساء إلاَّ زانيةٌ أو مشركةٌ.

و"ينكح" على هذا بمعنى يجامع.

قال شيخ الإِسلام: مَنْ أوَّل هذه الآية إلى العقد، فبطلان قوله ظاهر.

٤ - وحمل الحديث أكثر العلماء على معنى: أنَّ الزاني المجلود لا يرغب عقد زواجه إلاَّ على مثله، وكذلك الزانية، لا ترغب في الزواج إلاَّ من عاصٍ مثلها.

٥ - الذي يدل عليه الحديث هو النَّهي عن ذلك -لا الإخبار عن مجرَّد الرغبة- وأنَّه يحرم أنْ ينكح زانٍ عفيفةً، كما أنَّه يحرم أن تنكح عفيفةٌ زانيًا، وصرَّح بالتحريم بقوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)} [النور]، أي كاملي الإيمان الذي هم ليسوا بزناة، فإنَّه "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: الزاني لا يُقْدِم على نكاحه من النساء إلاَّ أنثى زانيةٌ، يُناسب حاله حالها، أو مشركة بالله، والزانية كذلك، لا ينكحها إلاَّ زانٍ أو مشركٌ.

وهذا دليلٌ صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب، وكذلك إنكاح

<<  <  ج: ص:  >  >>