قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ من أهل العلم.
وأما إذا أسلم أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الأول، وكان بعد الدخول، وُقِف الأمر إلى انقضاء العدة، فإن أسلم الثاني قبل انقضائها، فهما على نكاحهما.
والأظهر لنا: أنَّ الفرقة بينهما وقعت حين أسلم الأول، وإذن: فلا نكاح بينهما، وهذا قول جمهور العلماء، والمشهور عند أحمد.
وذلك لحديث عمرو بن شعيب أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "ردَّ ابنته على أبي العاص بنكاح جديد" فهذا عمدة الجمهور.
والرواية الآخرى عن الإمام أحمد: أنَّها ترد إليه، بدون عقد جديد، وإن طالت المدة، وانقضت العدة، ما لم تتزوج، لما روى ابن عباس "أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ردَّ ابنته علي أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول، ولم يُحدِث نكاحًا"، قال الترمذي: ليس بإسناده بأس، وصحَّحه أحمد.
والحديث رقم (٨٧٥) من أدلة هذه الرواية عن أحمد، فإنَّ هذه المرأة تزوجت بعد أن أسلم زوجها، وإسلامه قبل زواجها يعتبر بقاء لنكاحهما الأول، ويكون زواجها الثاني باطلًا، ولذَا فإنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- انتزعها من الثاني، ولم يأمره بطلاقها، وردَّها إلى زوجها الأول بدون تجديد عقد بينهما، وحديث ابن عباس أجود إسنادًا، والعمل على حديث عمرو بن شعيب.
واختار الشيخ تقي الدين بقاء النكاح بين الزوجين إذا أسلمت قبله، سواء كان الإِسلام قبل الدخول، أو بعده، ما لم تنكح زوجًا غيره.
وقال ابن القيم: إنَّ أحد الزوجين إذا أسلم قبل الآخر، لم ينفسخ النكاح بإسلامه، فرَّقت الهجرة بينهما أو لم تفرق، فإنَّه لا يعرف أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جدَّد نكاح زوجين سبق أحدهما الآخر بإسلامه قط، ولم تزل الصحابة يُسلم الرجل قبل امرأته، أو تسلم قبله، ولم يعلم عن أحد منهم البتة أنَّه تلفظ بإسلامه هو