للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وامرأته حرفًا بحرف، هذا مما لم يقع البتة، وقد ردَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع وهو قد أسلم زمن الحديبية، وهي أسلمت من أول البعثة، فبين إسلامهما أكثر من ثماني عشرة سنة.

وأما قوله: "كان بين إسلامها وإسلامه ست سنين" فوَهَم، إنَّما أراد بين هجرتها وإسلامه.

وتحريم المسلمات على المشركين بقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] إنَّما نزل بعد الحديبية، ولما نزل التحريم أسلم أبو العاص فردت إليه.

وأما اعتبار زمن العدة فلا دليل عليه من نصٍّ ولا إجماعٍ، ولا ريب أنَّ الإِسلام لو كان بمجرده فرقة لم تكن فرقة رجعية بل بائنة، فلا يكون أثر للعدة في بقاء النكاح، وإنما أثرها في منع نكاحها للغير، وأما تنجيز الفرقة، أو مراعاة العدة، فلا نعلم أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بواحدةٍ فيهما، مع كثرة من أسلم في حياته من الرِّجال.

وهذا القول إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار الخلَّال، وأبي بكر عبد العزيز، وابن المنذر، وابن حزم، وبه قال حماد، وسعيد بن جبير، وعمر ابن عبد العزيز، والشَّعبي، وغيرهم، وتقدَّم أنَّه اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمهم الله جميعًا-.

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: الذي حقَّقه الدليل، أنَّه إذا أسلم أحد الزوجين، وتأخَّر إسلام الآخر، فإن أسلم المتخلف في العدة، فهما على نكاحهما، وإن انقضت العدة جاز للزوجة أن تتزوج، فإنْ لم تتزوج وأسلم الزوج بعد ذلك وأرادها واختارته، ردَّت إليه بغير نكاح.

وقال الشيخ تقي الدين: إذا ارتد الزوج ولم يعُد إلى الإِسلام حتى انقضت عدَّة امرأته، فإنَّها تبين منه عند الأئمة الأربعة، وإن طلَّقها بعد ذلك لم

<<  <  ج: ص:  >  >>