٣ - لقوله تعالى: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)} [النور]، ووجه الاستدلال بها أنَّ الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق، ومع ذلك فهو موجب اللعنة، والغضب على تقدير الكذب.
٤ - أن هذا التعليق، وإن قصد به المنع، فالطلاق مقصودٌ به على تقدير الوقوع، ولذلك أقامه الزوج مانعًا له من وقوع الفعل، ولولا ذلك لما امتنع.
٥ - أن القول بوقوع الطلاق عند حصول الشرط المعلَّق عليه قول جماهير أهل العلم وأئمتهم، فهو قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وهو المشهور في مذاهبهم. قال تقي الدين السبكي في رسالته "الدرة المضيئة": وقد نقل إجماع الأئمة على ذلك أئمة، لا يرتاب في قولهم، ولا يتوقف في صحة نقلهم؛ فمن ذلك الإمام الشافعي -رضي الله عنه- وناهيك به، وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد، وهو من أئمة الاجتهاد، كالشافعي وأحمد وغيرهما، وكذلك نقله أبو ثور، وهو من الأئمة أيضًا، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري، وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإجماع أبو بكر بن المنذر، ونقله أيضًا الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد بن نصر المروزي، ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه "التمهيد" و"الاستذكار"، وبسط القول فيه على وجه لم يُبْقِ لقائل مقالاً، ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب "المقدمات" له، ونقله الإمام الباجي في "المنتقى".
إلى أن قال: وأمَّا الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم: فلم يختلفوا في هذه المسألة، بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق، وهذا مستقرٌّ بين الأمة، والإمام أحمد أكثرهم نصًّا عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق، ونص على أنَّ يمين