اختلف العلماء في الخارج النَّجسِ من غير السبيلين غير البول والغائط؛ وذلك كالقيء والدم والصديد ونحوها، هل خروجُها ينقُض الوضوءَ أو لا؟:
ذهب الإمامان مالك، والشَّافعي: إلى أنَّ خروج هذه الأمور وأمثالها لا ينقض الوضوء ولو كثر.
قال البغوي: هو قول أكثر الصحابة والتَّابعين.
قال النووي: لم يثبت قطّ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أوجَبَ الوضوء من ذلك.
قال الشيخ تقي الدِّين: الدم والقيء وغيرهما من النجاسات الخارجة من غير المخرج المعتاد لا تنقض الوضوءَ ولو كَثُرَتْ.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: الصحيح أنَّ الدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء -قليلها وكثيرها-؛ لأنَّه لم يَرِدْ دليلٌ على نقض الوضوء بها والأصلُ بقاءُ الطهارة.
استدل هؤلاء بأدلَّة:
أحدها: البراءةُ الأصليَّة؛ فالأصل بقاء الطهارة ما لم يثبُتْ ضدُّها، ولم يثبت عندهم شيء.
الثاني: عدمُ صلاحية القياس هنا؛ لأنَّ علَّة الحكم ليست واحدة.
الثالث: يروون في ذلك آثارًا منها:
١ - صلاة عمر بن الخطاب وجُرْحُهُ يثْعَبُ دمًا.
٢ - كان ابن عمر يعصر الدمَ من عينه، ويصلِّي ولم يتوضأ.
٣ - قال الحسن البصري: ما زال المسلمون يصلُّون في جراحاتهم.
وذهب الإمامان أبو حنيفة، وأحمد: إلى أنَّ خروج هذه الأمور وأمثالها ينقض إذا كان كثيرًا، ولا ينقض اليسير منه.
استدلُّوا على ذلك بما رواه أحمد (٢٦٩٨٩) والترمذي (٨٧)، من