للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبه قال جماعة من السلف؛ منهم سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وعطاء ومجاهد، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر.

٢ - ويرى الأئمة الثلاثة: أنَّ الواجب القود، والدية بدل عنه؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: ١٧٨]؛ والمكتوب لا تخيير فيه؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام: "من قتَل عمدًا، فهو قَود" [رواه النسائي] من حديث ابن عباس.

٣ - أما دليل القول الأول: فقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨] وحديث الباب صريح في هذا الحكم.

٤ - ثمرة الخلاف بين القولين أنَّ صاحب القول الأول له العدول إلى الدية، ولو لم يرض الجاني، وأما القول الثاني، فإنَّه ليس له إلاَّ القصاص، أما الديَة فلا يستحقها إلاَّ بصلح بينه وبين الجاني.

والنتيجة الثانية: أنَّه لو فات محل القصاص بوفاةٍ، أو آفة لعضو، ونحو ذلك -فعند القائلين بوجوب أحد الشيئين، يعدل إلى الدية، أما عند الذين لا يوجبون إلاَّ القصاص عينًا، فلا يجب للمجني عليه شيء.

٥ - قال في "شرح الإقناع": أجمعوا على جواز العفو عن القصاص، وأنَّه أفضل؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨] وقال تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧].

وقد جاء في سنن أبي داود، عن أنس قال: "ما رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رُفِعَ إليه شيء فيه قصاص، إلاَّ أمر بالعفو"؛ والنصوص في هذا كثيرة.

٦ - قال الشيخ تقي الدين: "استيفاء الإنسان حقه من الدم عدل، والعفو عنه إحسان، والإحسان هنا أفضل، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانًا إلاَّ بعد العدل، وهو ألا يحصل بالعفو ضرر، وإلاَّ كان ظلمًا: إما لنفسه، وإما لغيره، قال في الإنصاف: وهذا عين الصواب".

٧ - قال الوزير: اتَّفقوا على أنَّه إذا عفا أحد الأولياء من الرجال، سقط القود،

<<  <  ج: ص:  >  >>