وقتال الباغي، وهذا تعزير لا يقدر، بل ينتهي إلى القتل، كما في الصائل لأخذ المال، يجوز أن يمنع ولو بالقتل وله بقية.
وعنه: أنَّ كل معصية لها مثل المقدر، لا يبلغ بها حد المقدر، كأن يزني بجارية له فيها شرك، فيجلد مائة سوط، إلاَّ واحدًا.
ومذهب أبي حنيفة، والشافعي: أنه لا يبلغ بالتعزير الحدود المقدرة.
وذهب بعض العلماء إلى: أنَّ معنى قوله: "إلاَّ في حد من حدود الله": أنَّ المراد بحدود الله: أوامره ونواهيه، وأنَّه ما دام التعزير لأجل ارتكاب معصية: بترك واجبٍ، أو فعل محرَّم، فيبلغ به الحدّ الذي يراه الإمام رادعًا، وزاجرًا من ارتكابه، والعودة إليه.
وذلك يختلف باختلاف المكان والزمان، وباختلاف الأشخاص، وباختلاف المعصية، فبالأزمنة والأمكنة، حكم بالتخفيف، أو التشديد في عقوبة العصاة، وكنالك الأشخاص، لكل منهم أدبه اللائق، والكافي لردعه، فبعضهم يكفيه التوبيخ، وبعضهم الضرب والجلد، وبعضهم الحبس، وبعضهم أخذ المال.
والذين يندر أن تقع منهم المعاصي، وهم ذوو الهيئات، فينبغي التجاوز عنهم، وبعضهم مجاهرون معاندون، فينبغي النكاية بهم.
والمعاصي تختلف في عظمها وخفتها، فينبغي للحاكم ملاحظة الأحوال والظروف، والملابسات، ليكون على بصيرة من أمره، ولتكون تعزيراته وتأديباته واقعة موقعها، وافية بمقصودها، وهو راجع إلى رأي الحاكم، فقد يكون بأخذ المال، وقد يكون بالقتل.
وكل هذه العقوبات، لها أصل في الشرع، وإليك كلام العلماء في هذا الباب:
قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- فيمن شرب خمرًا في نهار رمضان، أو أتى شيئًا نحو هذا: "أقيم عليه الحد، وأغلظ عليه، مثل الذي يقتل في