صاد لنفسه، وإنْ لم يأكل دلَّنا ذلك على أنَّه قصد بصيده مقتنيه، فهذا ما تشير إليه هذه النصوص وغيرها. وإلى عدم حل ما أكل منه ذهب العلماء.
قال الوزير: واشترط جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشَّافعي وأحمد ترك الأكل، ولم يشترطه مالك.
١٠ - قوله:"وإنْ وجدت مع كلبك كلبًا غيره، وقد قُتل فلا تأكل، فإنَّك لا تدري أيهما قتله". الأصل في هذا أنه إذا اجتمع مبيحٌ وحاظر غُلِّب جانب الحظر؛ لأنَّ الأصل التحريم.
قال في شرح الإقناع: وإن وجد مع كلبه كلبًا آخر، ولا يعلم أي الكلبين قتله، أو علم أنَّهما قتلاه معًا، أو علم أنَّ الكلب المجهول هو القاتل للصيد وحده، لم يبحٍ الصيد؛ تغليبًا للحظر؛ لأنَّه الأصل.
١١ - قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} دليل على أنَّ جميع الجوارح من السباع والطيور كلها يباح صيدها، فالكواسب: كالكلب، والفهد، والأسد، والنمر، والطير: كالصقر، والشاهين، والبازي، والعقاب، وإنَّما جاء ذكر الكلب في الأحاديث؛ لأنَّه الغالب؛ ولأنَّه أسرع وأقبل من غيره للتعليم والتأديب.
على أنَّ لفظ الكلب لغةً يشمل جميع السباع، قال -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم سلِّط عليه كلبًا من كلابك، فأكله الأسد" [رواه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٣٣٨)].
قال في شرح الإقناع:"الجوارح نوعان: أحدها ما يصيد بنابه: كالكلب، والفهد، والثاني من الجوارح، ذو المخلب: كالبازي، والصقر.
١٢ - قوله في الحديث رقم (١١٦٣) "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد المِعْراض ... إلخ" فهذا يدل على أنَّ المعراض هو سهمٌ لا ريش له ولا نصلَ، إن قتل الصيد بحده فهذا قد مضى في جسمه وجرحه فهو مباح، وأمَّا إنْ قتل بعرضه فهذا قتل بصدمه وثقله، فإنَّه لا يحل، وهو الوقيذة،