فالمفتي أوسع دائرةً من القاضي؛ لأَنَّه يُفتي في الأمور المتنازع عليها وغيرها، والقاضي لا يتعلَّق قضاؤه إلاَّ بالمسائل المتنازع فيها بين النَّاس.
٦ - قال الشيخ محمد بن إبراهيم: لا يجوز الترويج في الفتيا، وتخيير المسائل، وإلقاؤه في الإشكال والحيرة، بل عليه أنْ يبين بياناً مزيلاً للإشكال.
* فوائد:
الأولى: القضاء إلزامٌ بالحكم الشرعي، وفصل للخصومات، فالحاكم له ثلاث صفات: فهو من جهة الإثبات شاهد، وهو من جهة تبيين الحكم مفتٍ، وهو من جهة الإلزام بذلك ذو سلطان.
الثانية: الأصل في القضاء قوله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}[ص: ٢٦]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإنْ أخطأ فله أجر" [رواه البخاري (٦٩١٩) ومسلم (١٧١٦)].
قال شيخ الإسلام: الشَّارع نصوصه كلمات جوامع، وقضايا كلية، وقواعد عامَّة، يمتنع أنْ ينص على كل فردٍ من جزئيات العالم إلى يوم القيامة، فلابد من الاجتهاد في جزئيات، هل تدخل في كلماته الجامعة أو لا؟
الثالثة: القضاء فرض كفاية؛ كالإمامة العظمى، قال الإمام أحمد: لابُدَّ للنَّاس من حاكمٍ؛ لئلا تذهب حقوق النَّاس.
وقال شيخ الإسلام: قد أوجب النَّبي -صلى الله عليه وسلم- تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، وهو تنبيهٌ على أنواع الاجتماع.
الرَّابعة: نصبُ الإمام للقاضي واجبٌ؛ لفصل خصومات النَّاس، ولأنَّ القضاء من مستلزمات الإمام الأعظم، فهو القائم بأمر الرعية، فينصب القضاة بقدر الحاجة، نواباً عنه في الأمصار والأقاليم.
الخامسة: قال مجلس المجمَّع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة في أحد قراراته: على قادة المسلمين أنْ يبادروا إلى تطبيق شريعة الله، لينعموا، وتنعم