ذهب الإمام أحمد: إلى تقديم بينة المدَّعَي، ويسمونه "الخارج"، وإلغاء بينة المدَّعى عليه صاحب اليد، ويسمونه "الدَّاخل".
قال في الروض المربع وغيره: وإنْ أقام كلٌّ منهما بينةً أنَّ العين المدَّعى بها له، قُضِيَ بها للخارج ببينته، ولغت بينة الدَّاخل؛ لحديث ابن عبَّاس:"لو يُعطى النَّاس ... ولكن اليمين على المدعى عليه" [رواه البخاري (٤٥٥٢) ومسلم (١٧١١)]؛ فجعل جنس البينة في جانب المدعي، فلا يبقى في جانب المدعى عليه إلاَّ اليمين.
وهذه الرواية هي المشهورة في مذهت الإمام أحمد، وهي من المفردات.
٢ - وذهب جمهور العلماء -ومنهم الأئمة الثلاثة-: إلى تقديم بينة الدَّاخل، وهو الَّذي العين بيده.
قال شيخ الإسلام: وأمَّا حديث "البينة على من إدَّعى، واليمين على من أنكر"، فما قال بعمومه أحد من علماء الملَّة إلاَّ أهل الكوفة، الَّذين يرون أنَّ اليمين دائماً في جانب المنكر حتَّى القسامة، وأمَّا سائر علماء الملَّة، وفقهاء الحديث، وغيرهم: فتارةً يحلِّفون المدَّعي، وتارةً يحلِّفون المدَّعى عليه، والأصل عندهم: أنَّ اليمين مشروعة في أقوى الجانبين، والبينة عندهم اسمٌ لما يبيِّن الحق.
قال في شرح المفردات: وقال أكثر أهل العلم: تقدَّم بينة المدعى عليه بكلِّ حال؛ لأنَّ جانبه أقوى، لأنَّ معه الأصل، ويمينه تقدَّم على يمين المدَّعي.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: الَّذي يظهر لي، ويترجَّح عندي، هو تقديم بينة الدَّاخل؛ لما روى الدَّارقطني (٤/ ٢٠٩) عن جابر -رضي الله عنه- "أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- اختصم إليه رجلان في دابَّه أو بعيرٍ، فأقام كل واحد منهما