٦ - ظاهر الحديثين الاختلافُ في عتق العبد كلِّه، مع إعسار مباشر العتق، واستسعاء العبد.
٧ - الجمع بين الحديثين:
دلَّ الحديث الأَوَّل -في ظاهره- على أن من أعتق نصيبه من عبدٍ مشتركٍ، عتق نصيبه:
فإنْ كان موسرًا، عتق باقيه، وغرم لشريكه قيمة نصيبه.
وإنْ كان معسرًا، لم يعتق نصيب شريكه، وصار العبد مبعَّضًا، بعضه حر، وبعضه رقيق.
ودلَّ الحديث الثَّاني: على أنَّ المباشر لعتق نصيبه: إنْ معسرًا، عتق العبد كله أيضًا؛ ولكن بأنْ يُسْتَسْعَى العبد بقدر قيمة نصيبه الَّذي لم يعتق وتعطى له.
وذهب إلى الأخذ بظاهر الحديث الأوَّل الأئمة: مالك، والشَّافعي، وأحمد -في المشهور من مذهبه- وأهل الظاهر.
ودليلهم: ظاهر الحديث، وجعلوا الزيادة في الحديث مُدْرَجة، وهي قوله:"فإنْ لم يكن له مالٌ، قُوِّمَ المملوك قيمة عدل، ثمَّ استسعي العبد غير مشقوقٍ عليه".
قال الحافظ: قيل: إنَّ السِّعاية مدرجة.
قال النسائي:"بلغني أنَّ همَّامًا رواه، فجعل هذا الكلام -أعني الاستسعاء- من قول قتادة"، وكذا قال الإسماعيلي إنَّما هو من قول قتادة، مدرج على ما روى همام، وجزم ابن المنذر والخطابي بأنَّه من افتيات قتادة.
ولكن قال صاحب شرح البلوغ: وقد رُدَّ جميعُ ما ذُكِرَ من إدراج السعاية باتفاق الشيخين على رفعه؛ فإنَّهما في أعلى درجات الصحيح.
ولذا فإنَّه ذهب إلى الأخذ بهذه الزيادة الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، واختاره بعض أصحابه، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم،