للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على صحة بدنه، وجودة هضمه، واستقامة قوته؛ فينبغي أنْ يحمد الله.

وفي صحيح البخاري (٦٢٢٣): "إنَّ الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب"؛ لأنَّ العطاس يدل على خفة بدن ونشاط، والتثاؤب يدل غالبًا على ثقل البدن، وامتلائه، واسترخائه.

وقال في شرح الأدب المفرد: قوله -عليه الصَّلاة والسَّلام-: "إنَّ الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب"، المحبة والكراهية منصرفان إلى أسبابهما؛ وذلك أنَّ العطاس يكون من خفة البدن وانفتاح المسام، بخلاف التثاؤب؛ فإنَّه يكون من الثقل والامتلاء، فالأوَّل يجلب النشاط للعبادة، والثَّاني يجلب الكسل والفتور، فندبت الشريعة حمد الله بعد العطاس؛ لسلامة الأعضاء، ولخفة البدن بدفع الأذى والثقل من الدماغ، وزوال مواد النزلة، وهذه كلها من منن الله تعالى، فيستحب حمد الله عليها، وظاهر الأمر الوجوب، ولكن لم يقل به أحد.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فحقٌّ على كلِّ مسلمٍ سَمِعَهُ أنْ يشمته".

قال ابن القيم: قال جماعةٌ من علمائنا: إنَّ التشميت فرض عين؛ لأنَّهُ جاء بلفظ الوجوب الصريح، وبلفظ الحقِّ الدَّال عليه.

وذهب آخرون: إلى أنَّه فرض كفاية، ورجَّحه ابن رشد، وابن العربي، وقال به أبو حنيفة، وجمهور الخنابلة، قال الحافظ: وهو الرَّاجح من حيث الدليل.

٤ - وقد جاء في السنن عند أبي داود (٥٠٢٩) والترمذي (٢٧٤٥) بسندٍ حسن، من حديث أبي هريرة قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عطس، وضع يده أو ثوبه على فمه".

٥ - قال في الآداب الشرعية أيضًا: تشميت العاطس وجوابه فرض كفاية، وهو ظاهر مذهب مالك وغيره، وقيل: سنة، وهو مذهب الشَّافعي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>