للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسترخاء والثقل، الذي يصل إلى القلب فيزول معه الذهن، فالسِّنة والنوم إنما يعرضان للمخلوق الناقص، الذي يعتريه الضعف والعجز، ويحتاج للراحة والاستجمام، أما صاحب القوة الكاملة والقيومية التامة فلا يعرضان له.

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}: فالكل عبيده، والجميع ملكه، لا يخرج أحدٌ منهم عن ذلك.

{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}: فمن تمام ملكه، ومن عظمة سلطانه، ومن جلال أمره-: أنه لا يتجرأ أيُّ مخلوق على أن يشفع لأحد، إلاَّ بإذنه ورضاه عن الشافع والمشفع فيه، وإذن منه في الشفاعة، فكل وجيه، وشفيع من عبيده لا يشفع إلاَّ بإذنه؛ {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}.

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} فعلمه المحيط الواسع، واطلاعه على شؤون خلقه، وعلمه بماضيهم، وحاضرهم، ومستقبلهم -لا يحتاج معه إلى الوسطاء والشفعاء في أمر خلقه، إلاَّ في حالة هو يرضاها، فيأذن فيها إكرامًا للشافع، ورحمة للمشفوع له.

{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} أما خلقه العلوي والسفلي فلا يحيطون بقليل، أو بكثير من علم الله تعالى، معلوماته، إلاَّ أن تقتضي حكمته تعالى إطلاعهم على شيء مما ينفعهم من معاشهم ومعادهم، من الأمور الشرعية والأمور القدرية، وهي نسبة ضئيلة قليلة في جانب علم الله الواسع، وإحاطته الشاملة؛ ولذا قالت الملائكة: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: ٣٢]، وتقول الرسل يوم القيامة: {لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)} [المائدة].

{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} مما يدل على ملكه الواسع، وجلاله العظيم، وسلطانه القويم، وإحاطته الكاملة، وقدرته التامة، وإرادته

<<  <  ج: ص:  >  >>