وجاء عنها غير هذه الروايات، مما حكم به بعضهم؛ بأنَّها روايات مضطربة، ولكن يمكن حملها على تعدد الأوقات، واختلاف الحالات، فلا موجب للحكم بالاضطراب.
(و) حديث ابن عباس أنَّه -صلى الله عليه وسلم-: "صلَّى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن، فقام فصلَّى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح" [رواه البخاري (٧٣١) ومسلم (٧٨١)].
(ز) وقد جاء من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلَّى رجالٌ بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضي الفجر أقبل على الناس، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإنَّه لم يَخْفَ علي مكانكم، لكني خشيتُ أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها".
٤ - الظاهر أنَّه لم يحفظ عدد الركعات التي صلى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الليلتين، أو الثلاث، وإنما الثابت ما أمره الله به وامتثله: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣)} [المزمل]، وقال تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}[الإسراء: ٧٩]، وقال تعالى عن المؤمنين الصالحين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)} [الذاريات]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه"[مُتفق عليه].
٥ - مضى زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخلافة أبي بكر -رضي الله عنه-، فلما جاءت خلافة عمر -رضي الله عنه- دخل المسجد النبوي، ومعه عبدٌ القارىء، فوجد أهل المسجد أوزاعًا متفرقين، يصلي الرجل بنفسه، ويصلي الرجل ويصلي بصلاته الرهط، فأمر أُبي بن كعب أن يقوم بهم في رمضان.