للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أمرتموه باللُّبث فهو محال، وإن أمرتموه بقطعها والخروج من الجانب الآخر فقد أمرتموه بالحركة والتصرُّف في ملك الغير. وكذلك إن أمرتموه بالرجوع فهو حركةٌ منه وتصرُّفٌ في أرض الغَصْب. فهذا قد تعارضت فيه المصلحةُ والمفسدة، فما الحكمُ في هذه الصُّورة؟

وكذلك من توسَّط بين فئةٍ مُثْبَتةٍ بالجِراح منتظرين للموت، وليس له انتقالٌ إلا على أحدهم، فإن أقام على من هو فوقه قَتَله، وإن انتقل إلى غيره قَتَله. فقد تعارضت هنا مصلحةُ النُّقلة ومفسدتُها على السَّواء.

وكذلك من طلع عليه الفجرُ وهو مجامِعٌ، فإن أقام أفسد صومَه، وإن نَزع فالنَّزعُ من الجماع، والجماعُ مركَّبٌ من الحركتين. فهاهنا أيضًا قد تضادَّت العلَّتان.

وكذلك ــ أيضًا ــ إذا تترَّس الكفَّارُ بأسرى من المسلمين هم بعَدَد المُقاتِلة، ودار الأمرُ بين قتل التُّرس وبين الكفِّ عنه وقتل الكفَّار لمُقاتِلة (١) المسلمين. فهاهنا أيضًا قد تقابلت المصلحةُ والمفسدةُ على السَّواء.

وكذلك ــ أيضًا ــ إذا أُلقِي في مركبهم نارٌ وعاينُوا الهلاك بها، فإن أقاموا احترقوا، وإن لجؤوا إلى الماء هلكوا بالغَرق. وكذلك الرجلُ إذا ضاق عليه الوقتُ ليلة عَرفة، ولم يبق منه إلا ما يسعُ قَدْر صلاة العشاء، فإن اشتغل بها فاته الوقوف، وإن اشتغل بالذَّهاب إلى عرفة فاتته الصَّلاة. فهاهنا قد تعارضت المصلحتان والمفسدتان على السَّواء.


(١) (ت): «المقاتلة». وهي محتملة.