للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب ما لا خلاص عن الحرام إلا به، وإن قيل: إنها واجبة، فوجوبٌ عقليٌّ لزوميٌّ لا شرعيٌّ مقصود.

فمفسدةُ هذه الحركة مغمورةٌ في مصلحة تفريغ الأرض والخروج عن الغصب. وإذا قُدِّر تساوي الجوانب بالنسبة إليه؛ فالواجبُ القدرُ المشتركُ وهو الخروجُ من أحدها.

وعلى كلِّ تقدير، فمفسدةُ هذه الحركة مغمورةٌ جدًّا في مصلحة ترك الغصب، فليس مما نحنُ فيه بسبيل.

* وأمَّا مسألةُ من توسَّط بين قتلى لا سبيل له إلى المقام أو النُّقلة إلا بقتل أحدهم (١)، فهذا ليس مكلَّفًا في هذه الحال، بل هو في حكم المُلْجَأ، والمُلْجَأ ليس مكلَّفًا اتفاقًا، فإنه لا قصدَ له ولا فِعل، وهذا مُلْجَأٌ من حيث إنه لا سبيل له إلى ترك النُّقلة عن واحدٍ (٢) إلا إلى آخر؛ فهو مُلْجَأٌ إلى لُبْثِه فوق واحدٍ ولا بدَّ، ومثلُ هذا لا يوصفُ فعلُه بإباحةٍ ولا تحريمٍ ولا حكمٍ من أحكام التكليف؛ لأنَّ أحكام التكليف منُوطةٌ بالاختيار، فلا تتعلَّقُ بمن لا اختيار له.

فلو كان بعضهم مسلمًا وبعضهم كافرًا مع اشتراكهم في العصمة فقد قيل: يلزمه الانتقالُ إلى الكافر، أو المقامُ عليه؛ لأنَّ قتله أخفُّ مفسدةً من قتل المسلم، ولهذا يجوزُ قتلُ من لا نقتله في المعركة إذا تترَّس بهم الكفَّار، فيرميهم ويقصدُ الكفَّار.


(١) انظر: «البرهان» (١/ ٣٠٢)، و «الواضح» (٥/ ٤٢٧، ٤٣٣)، و «إيضاح المحصول» للمازري (٢٣٠)، و «المسودة» (٢٣١)، وغيرها.
(٢) (ت، ق): «غير واجد». (د): «غير واحد». والمثبت من (ط).