للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وأمَّا من طلع عليه الفجرُ وهو مجامع، فالواجبُ عليه النَّزعُ عينًا، ويحرُم عليه استدامةُ الجماع واللُّبث، وإنما اختُلِف في وجوب القضاء والكفَّارة عليه على ثلاثة أقوالٍ في مذهب أحمد وغيره (١):

أحدها: عليه القضاءُ والكفَّارة، وهذا اختيارُ القاضي أبي يعلى.

والثَّاني: لا شيء عليه، وهذا اختيارُ شيخنا (٢)، وهو الصَّحيح.

والثَّالث: عليه القضاءُ دون الكفَّارة.

وعلى الأقوال كلِّها فالحكمُ في حقِّه وجوبُ النَّزع، والمفسدةُ التي في حركة النَّازع مفسدةٌ مغمورةٌ في مصلحة إقلاعه ونزعه؛ فليست المسألةُ من موارد النِّزاع.

* وأمَّا إذا تترَّس الكفَّارُ بأسرى من المسلمين بعدد المُقاتِلة (٣)، فإنه لا يجوزُ رميُهم إلا أن يخشى على جيش المسلمين (٤)، وتكون مصلحةُ حفظ الجيش أعظمَ من مصلحة حفظ الأُسارى، فحينئذٍ يجوزُ رميُ الأُسارى، ويكونُ من باب دفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما، فلو انعكس الأمرُ وكانت مصلحةُ بقاء الأسرى أعظمَ من رميهم لم يجُز رميُهم.


(١) انظر: «الأم» (٣/ ٢٤٥)، و «المغني» (٣/ ٣٧٩)، و «المجموع» (٦/ ٣٢٩، ٣٣٢)، و «البرهان» (١/ ٣٠٣)، و «شرح العمدة» لابن تيمية (١/ ٤٦٩ ــ الطهارة) و (١/ ٣٣٦ ــ الصيام).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٦/ ٢٢، ٢٥/ ٢٦٤).
(٣) أي: المقاتلين من جيش المسلمين.
(٤) انظر: «المغني» (١٣/ ١٤١)، و «فتح القدير» (٥/ ٤٤٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٢، ٢٨/ ٥٤٦).