للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمس، والواجبُ في حقِّه المبادرةُ إلى الغُسل والصَّلاة، وهذا وقتُها في حقِّ أمثاله.

وعلى هذا القول الصَّحيح فلم يتعارض هاهنا مصلحةٌ ومفسدةٌ متساويتان، بل مصلحةُ الصَّلاة بالطَّهارة أرجحُ من إيقاعها في الوقت بالتيمُّم.

وفي المسألة قولٌ ثانٍ، وهو روايةٌ عن مالك: أنه يتيمَّمُ ويصلي في الوقت (١)، لأنَّ الشارع له التفاتٌ إلى إيقاع الصَّلاة في الوقت بالتيمُّم أعظمُ من التفاته إلى إيقاعها بطهارة الماء خارجَ الوقت، والعَدَمُ المبيحُ للتيمُّم هو العدمُ بالنسبة إلى وقت الصَّلاة لا مطلقًا، فإنه لا بدَّ أن يجد الماء ولو بعد حين، ومع هذا فأوجبَ عليه الشارعُ التيمُّم؛ لأنه عادمٌ للماء بالنسبة إلى وقت الصَّلاة، وهكذا هذا النَّائمُ، وإن كان واجدًا للماء لكنه عادمٌ بالنسبة إلى الوقت.

وصاحبُ هذا القول يقول: مصلحةُ إيقاع الصَّلاة في الوقت بالتيمُّم أرجحُ في نظر الشارع من إيقاعها خارجَ الوقت بطهارة الماء؛ فعلى كلا القولين لم تتساوَ المصلحةُ والمفسدة؛ فثبت أنه لا وجود لهذا القسم في الشَّرع.

وأمَّا مسألةُ اغتِلام البحر؛ فلا يجوزُ إلقاءُ أحدٍ منهم في البحر بالقُرعة ولا غيرها؛ لاستوائهم في العصمة وقَتْل من لا ذنبَ له وقايةً لنفس القاتل به


(١) انظر: «المدونة» (١/ ٤٤)، و «النوادر والزيادات» (١/ ١١٠)، و «الأوسط» لابن المنذر (٢/ ٣٠).