للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَجْمَعُ الحواسِّ التي أكثرُ تعلُّق الذُّنوب والخطايا بها، ولهذا (١) خصَّها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالذِّكر في قوله: «إنَّ اللهَ كتب على ابن آدم حظَّه من الزِّنا أدركَ ذلك لا محالة؛ فالعينُ تزني وزناها النَّظر، والأذنُ تزني وزناها الاستماع، واليدُ تزني وزناها البطش، والرِّجلُ تزني وزناها المشي، والقلبُ يتمنَّى ويشتهي، والفرجُ يصدِّقُ ذلك أو يكذِّبه» (٢).

فلمَّا كانت هذه الأعضاءُ هي أكثر الأعضاء مباشرةً للمعاصي، كان وَسَخُ الذُّنوب ألصَق بها، وأعلَق من غيرها؛ فشرع أحكمُ الحاكمين الوضوء عليها ليتضمَّن نظافتَها وطهارتها من الأوساخ الحِسِّية وأوساخ الذُّنوب والمعاصي (٣).

وقد أشار النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المعنى بقوله: «إذا توضَّأ العبدُ المسلم خرجت خطاياه مع الماء ــ أو: مع آخر قَطْر الماء ــ، حتى تخرجَ من تحت أظفاره» (٤).

وقال أبو أمامة: يا رسول الله، كيف الوضوء؟ فقال: «أمَا فإنَّك إذا توضَّأتَ فغسلتَ كفَّيك فأنقيتَهما خرجَت خطاياكَ من بين أظفارك وأناملك، فإذا مَضْمَضْتَ واسْتَنْشَقْتَ بمَنْخِريك، وغسلتَ وجهَك ويديكَ إلى المرفقَين، ومسحتَ برأسك، وغسلتَ رجليكَ إلى الكعبين= اغتسلتَ من


(١) (ق، ت): «قال ولهذا».
(٢) أخرجه البخاري (٦٢٤٣)، ومسلم (٢٦٥٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) انظر: «محاسن الشريعة» (٥٠)، و «إثبات العلل» للحكيم الترمذي (٩٠).
(٤) أخرج مسلم (٢٤٤) شطره الأول من حديث أبي هريرة، وشطره الثاني (٢٤٥) من حديث عثمان.