للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باطلٌ بصريح العقل، فتعيَّن الأوَّلُ ضرورةً؛ فإذا كان تعلُّق الحكم بالراجحِ لازمًا ضرورةً لم يكن الباري مختارًا في حكمه (١).

فتأمَّل هذه الشبهة ما أفسدَها وأبينَ بطلانها!، والعجبُ ممَّن يرضى لنفسه أن يحتجَّ بمثلها!

وحَسْبك فسادًا لحجَّةٍ مضمونها أنَّ الله تعالى لم يَشْرَع السُّجود له وتعظيمَه وشكره، ويحرِّم السُّجودَ للصَّنم وتعظيمَه، لحُسْن هذا وقُبْح هذا، [بل] مع استوائهما، تفريقًا بين المتماثلين!

فأيُّ برهانٍ أوضحُ من هذا على فساد هذه الشُّبهة الباطلة؟!

الثَّاني (٢): أن يقال: هذا يوجبُ أن تكون أفعالُه (٣) كلُّها مستلزمةً للتَّرجيح بغير مرجِّح، إذ لو ترجَّح الفعلُ منها بمرجِّحٍ لَزِم عدمُ الاختيار بغير ما ذكرتم (٤)، إذ الحكمُ بالمرجِّح لازم.

فإن قيل: لا يلزمُ الاضطرار وتركُ الاختيار؛ لأنَّ المرجِّح هو الإرادة والاختيار.

قيلَ: فهلَّا قَنِعتم بهذا الجواب منَّا وقلتم: إذا كان اختيارُه تعالى متعلِّقًا بالفعل لِمَا فيه من المصلحة الدَّاعية إلى فعله وشرعه، وتحريمُه له لِمَا فيه من المفسدة الدَّاعية إلى تحريمه والمنع منه؛ فكان الحكمُ بالراجح في


(١) انظر: «بيان المختصر» للأصفهاني (١/ ٣٠٣).
(٢) أي الوجه الثاني في ردِّ هذه الشبهة. والأول هو تصوُّر مضمونها الفاسد.
(٣) (ت): «أن أفعاله».
(٤) (ط): «بعين ما ذكرتم».