للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطَّلب، ولا محذور (١) في توقُّف التَّعلُّق؛ لأنه حادث.

قلنا: فهلَّا قَنِعتُم بهذا الجواب في صفة الفعل، وقلتم: التَّوقُّف على الجهة المذكورة هو محذور توقُّف التَّعلُّق (٢)، لا توقُّف نفس الطَّلب (٣)، فنسبةُ التَّعلُّق إلى جهة الفعل كنسبته إلى ذاته، ونسبةُ الطَّلب إلى الجهة كنسبته إلى نفس الفعل سواءً بسواء، فنسبةُ القديم إلى أحد الحادثَيْن كنسبته إلى الآخر، ونسبةُ تعلُّقه بأحد الحادثَيْن كنسبة تعلُّقه بالآخر، فتبيَّن فسادُ الدَّليل المذكور.

وحَسْبك بمذهبٍ فسادًا استلزامُه جوازَ ظهور المعجزة على يد الكاذب، وأنه ليس بقبيح، واستلزامُه جوازَ نسبة الكذب إلى أصدق الصَّادقين، وأنه لا يَقْبُح منه، واستلزامُه التَّسويةَ بين التَّثليث والتَّوحيد في العقل، وأنه قبل ورود النُّبوَّة لا يَقْبُح التَّثليث، ولا عبادةُ الأصنام، ولا مَسَبَّة المعبود، ولا شيءٌ من أنواع الكفر، ولا السَّعيُ في الأرض بالفساد، ولا تقبيحُ شيءٍ من القبائح أصلًا.

وقد التزم النُّفاة ذلك، وقالوا: إنَّ هذه الأشياء لم تَقْبُح عقلًا، وإنما جهة قُبحِها السَّمعُ فقط، وأنه لا فرق قبل السَّمع بين ذكر الله والثناء عليه وحمده وبين ضدِّ ذلك، ولا بين شُكره بما يَقْدِرُ عليه العبدُ وبين ضدِّه، ولا بين الصِّدق والكذب، والعفَّة والفُجور، والإحسان إلى العالَم والإساءة إليهم بوجهٍ ما، وإنما التَّفريقُ بالشرع بين متماثلَيْن من كلِّ وجه.


(١) (ق، ت): «تجدون». وهو تحريف. وصوِّبت في طرة (د).
(٢) (د، ت): «هو توقف التعلق».
(٣) في (ط) زيادة: «معه». وهي مشتبهة في (ق)، وليست في (د، ت).