للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلقُ مطلوبٌ في العقل لذاته، والشرُّ المطلقُ مرفوضٌ في العقل لذاته (١)، والممتزجُ مطلوبٌ من وجهٍ ومرفوضٌ من وجه، وهو بحسب الغالب من جهته.

ولا يشكُّ العاقلُ أنَّ العلمَ بجنسه ونوعه خيرٌ ومحمودٌ ومطلوب، والجهلَ بجنسه ونوعه شرٌّ في العقل (٢)، فهو مستقبَحٌ عند الجمهور، والفِطرُ السَّليمةُ داعيةٌ إلى تحصيل المستحسَن ورفض المستقبَح، سواءٌ حَمَله عليه شارعٌ أو لم يحمله.

ثمَّ الأخلاقُ الحميدةُ والخِصالُ الرَّشيدةُ من العِفَّة والجود والسَّخاء (٣) والنَّجدة مستحسَناتٌ فعليَّة، وأضدادُها مستقبَحاتٌ فعليَّة (٤)، وكمالُ حال الإنسان أن تستكمِل النَّفسُ قُوى العلم الحقِّ والعمل الخير.

والشرائعُ إنما تَرِدُ بتمهيد ما تقرَّر في العقل لا بتغييره، لكنَّ العقول الجزئيَّة (٥) لما كانت قاصرةً عن اكتساب المعقولات بأسْرِها، عاجزةً (٦)


(١) «نهاية الأقدام» (٣٧٥): «مطلوب العقل لذاته ... مرفوض العقل لذاته».
(٢) «نهاية الأقدام»: «شر مذموم غير مطلوب».
(٣) «نهاية الأقدام»: «والجود والشجاعة».
(٤) «نهاية الأقدام»: «علمية». وفي نسخة: «عملية».
(٥) (ق): «الحرورية». والمثبت من «نهاية الأقدام» (٣٧٥، ٣٩٣، ٣٣٩)، وهو الصواب. وفي نسخة من «النهاية»: «الجزوية» بتسهيل الهمز، وهي كذلك في (د) لكن مهملة، وما في (ق) محرَّفٌ عنها.
وانظر للعقل الجزئي والكلي عند الفلاسفة: «الملل والنحل» (٢/ ١١٧)، و «الصفدية» (٢/ ١٩٩)، و «بغية المرتاد» (١٨٧).
(٦) من قوله: «ولكن العقول» إلى هنا ساقط من (ت).