للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلوبة، بل الفعلُ وعَدمُه بالنسبة إليه سِيَّان، وقلتم ما تنكره الفِطرُ والعقول، ويردُّه التَّنزيلُ (١) والاعتبار.

وقد قرَّرنا مِنْ ذِكر الحِكَم الباهرة في الخلق والأمر ما تقَرُّ به عينُ كلِّ طالبٍ للحقِّ، وهاهنا من أدلَّة إثبات الحِكَم المقصودة بالخلق والأمر أضعافُ أضعاف ما ذكرنا، بل لا نسبة لما ذكرناه إلى ما تركناه.

وكيف يمكنُ إنكارُ ذلك والحكمةُ في خَلْق العالم وأجزائه ظاهرةٌ لمن تأمَّلها، باديةٌ لمن أبصَرها، وقد رُقِمَت سطورُها على صفحات المخلوقات، يقرؤها كلُّ عاقلٍ كاتبٍ وغير كاتب؟! نُصِبَت شاهدةً لله بالوحدانيَّة والرُّبوبيَّة، والعلم والحكمة، واللُّطف والخِبْرة.

تأمَّل سُطورَ الكائنات فإنها ... من الملأ الأعلى إليكَ رسائلُ

وقد خُطَّ فيها لو تأمَّلتَ خطَّها ... ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ (٢)

وأمَّا النُّصوصُ على ذلك؛ فمن طلبها بَهَرَته كثرتُها وتطابقها، ولعلَّها أن تزيدَ على المِئين.

وما يخيِّلُه (٣) النُّفاة لحكمة الله تعالى: أنَّ إثباتها يستلزمُ افتقارًا منه، واستكمالًا بغيره؛ فهَوَسٌ ووساوس؛ فإنَّ هذا بعَيْنه واردٌ عليهم في أصل الفعل.


(١) (ت): «التنزيه».
(٢) البيتان لركن الدين ابن القوبع المالكي (ت: ٧٣٨) في ترجمته من «أعيان العصر» (٥/ ١٦٣)، و «الدرر الكامنة» (٤/ ١٨٣).
(٣) مهملة في (د). وفي (ت، ق): «يحيله». ولعل المثبت أشبه.