للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا؛ فهذا إنما هو إكمالٌ للصُّنع (١)، لا استكمالٌ بالصُّنع.

وأيضًا؛ فإنه سبحانه فِعالُه عن كماله، فإنه كَمُلَ ففَعَل، لا أنَّ كماله عن فِعاله، فلا يقال: فَعَلَ فكَمُل، كما يقال للمخلوق (٢).

وأيضًا؛ فإنَّ مَصْدرَ الحكمة ومتعلَّقها وأسبابها عنه سبحانه؛ فهو الخالق، وهو الحكيم، وهو الغنيُّ من كلِّ وجهٍ أكملَ الغِنى وأتمَّه، وكمالُ الغِنى والحمد في كمال القدرة والحكمة، والمحالُ أن يكون سبحانه وتعالى فقيرًا إلى غيره، فأمَّا إذا كان كلُّ شيءٍ فهو فقيرٌ إليه من كلِّ وجه، وهو الغنيُّ المطلقُ عن كلِّ شيء= فأيُّ محذورٍ في إثبات حكمته مع احتياج مجموع العالم وكلِّ ما يقدَّرُ معه إليه [دون] غيره؟! وهل الغِنى إلا ذلك؟!

ولله سبحانه في كلِّ صُنعٍ من صنائعه وأمرٍ من شرائعه حكمةٌ باهرة، وآيةٌ ظاهرة، تدلُّ على وحدانيَّته وحكمته وعلمه، وغِناهُ وقيُّوميَّته ومُلكِه، لا تنكرُها إلا العقولُ السَّخيفة، ولا تنبُو عنها إلا الفِطرُ المنكوسة.

وللهِ في كلِّ تسكينةٍ ... وتحريكةٍ أبدًا شاهدُ

وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ ... تدلُّ على أنه واحدُ (٣)

وبالجملة؛ فنحن لا ننكرُ حكمةَ الله ولا نُساعِدُكم على جحدها لتسميتكم إياها: «أغراضًا» وإخراجِكم لها في هذا القالب، فالحقُّ لا يُنْكَرُ لسوء التَّعبير عنه، وهذا اللفظُ بدعيٌّ لم يَرِد به كتابٌ ولا سُنَّة، ولا أطلقَه أحدٌ


(١) (ت): «كمال للصنيع».
(٢) انظر: «بدائع الفوائد» (٢٨٧)، و «الصواعق المرسلة» (١٥٦٤).
(٣) تقدم تخريج البيتين (ص: ٦٤٢).