للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشكله ولونه ــ ليست كنسبتها إلى خالقها فيه.

فتأمَّل هذا الموضع، وأعْطِ الفرقَ حقَّه، وفَرِّق بين النِّسبتَين؛ فكما أن صفات المخلوق ليست صفاتٍ لله بوجهٍ وإن كان هو خالقَها، فكذلك أفعالُه ليست أفعالًا لله تعالى ولا إليه وإن كان هو خالقها.

فلنرجِع الآن إلى ما نحنُ بصدده، فنقول: الأمرُ الذي كتَبه على نفسه مستحِقٌّ عليه الحمدَ والثناء، ويتعالى ويتقدَّسُ عن تركه؛ إذ تركُه منافٍ للثَّناء والحمد الذي يستحقُّه عليه، متضمِّنًا لما يستحقُّه من ذلك لذاته (١)، بقَطْع النظر عن كلِّ فعل.

وكذلك ما حرَّمه على نفسه هو مستحِقٌّ للحمد والثَّناء على تركه، فهو يتعالى ويتقدَّس عن فعله؛ لأن فعلَه منافٍ لما يستحقُّه من الحمد والثَّناء على تركه، متضمِّنًا (٢) لما يستحقُّه لذاته (٣).

وهذا بحمد الله بيِّنٌ عند من أوتي العلمَ والإيمان، وهو مستقرٌّ في فِطرهم، لا ينسخُه منها شبهاتُ المُبْطِلين.

وهذا الموضعُ مما خَفِيَ على طائفتي القَدَرِيَّة والجَبْريَّة، فخَبَطُوا في عشواء، وحَطَبُوا في ليلةٍ ظلماء، والله الموفِّق الهادي للصواب (٤).


(١) (ق): «لما يستحقه لذاته».
(٢) (ت): «متضمن». والوجه النصب، كالموضع السابق، حالٌ من الحمد.
(٣) من قوله: «بقطع النظر ... » إلى هنا ساقط من (ق).
(٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٨/ ١٤٩).