للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعض ما يقعُ في العالم من الآثار بامتزاجها واختلاطها. وأيُّ كمالٍ للنَّفس في هذا؟! وأيُّ سعادةٍ لها فيه؟!

* وإمَّا علمٌ إلهيٌّ كلُّه باطلٌ لم يوفَّقوا لإصابة الحقِّ فيه في مسألةٍ واحدة.

ومنها: أنَّ كمالَ النَّفس وسعادتها المستفادَ من الرُّسل ــ صلواتُ الله وسلامُه عليهم ــ ليس عندهم اليوم منه حِسٌّ ولا خبر، ولا عينٌ ولا أثر؛ فهم أبعدُ النَّاس من كمالات النُّفوس وسعاداتها.

وإذا عُرِفَ ذلك، وأنه لابدَّ للنَّفس من مرادٍ محبوبٍ لذاته لا تصلُح إلا به، ولا تكمُل إلا بحبِّه وإيثاره وقَطْع العلائق عن غيره، وأنَّ ذلك هو النِّهاية وغاية مطلوبها ومرادها الذي إليه ينتهي الطَّلب، فليس ذلك إلا الله الذي لا إله إلا هو، قال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢١ - ٢٢].

وليس صلاحُ الإنسان وجَدُّه وسعادتُه إلا بذلك، بل وكذلك الملائكةُ والجنُّ وكلُّ حيٍّ شاعرٍ (١) لا صلاحَ له إلا بأن يكون الله وحدَه إلهه ومعبودَه وغاية مراده، وسيمرُّ بك إن شاء الله بسطُ القول في ذلك وإقامةُ (٢) البراهين على هذا المطلوب الأعظم الذي هو غاية سعادة النُّفوس وأشرفُ مطالبها (٣).


(١) من الشُّعور. انظر: «درء التعارض» (١٠/ ٩٤)، و «شفاء العليل» (٨٣٠).
(٢) انتهى هنا السقط من (ت).
(٣) لم يقع ذلك في باقي الكتاب. وراجع ما كتبناه في المقدمة.