للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلتم: إنها لمَّا كانت صغيرةً وآثارُها ضعيفةً لم تَصِل آثارُها وقُواها إلى هذا العالم.

قيل لكم: صِغَرُ الجُثَّة لا يوجبُ ضعفَ الأثر؛ فإنَّ عُطارِد أصغرُ الأجرام الفلَكيَّة جِرمًا عندكم، مع أنَّ آثاره قويَّة.

وأيضًا؛ فالرَّأسُ والذَّنَبُ نقطتان وهميَّتان (١)، وأنتم فقد أثبتُّم لهما آثارًا.

وأيضًا؛ السِّهام ــ مثل: سهم السَّعادة، وسهم الغيب (٢) ــ نُقَطٌ وهميَّة، ولها عندكم آثارٌ قويَّة (٣).

الوجه الثاني مما يدلُّ على أنَّ معرفة جميع المؤثِّرات الفلَكيَّة غيرُ معلوم: أنَّ الكواكبَ المرئيَّة (٤) غيرُ مرصودةٍ بأسْرِها، فإنكم أنتم وغيركم قد قلتم: إنَّ المَجَرَّة عبارةٌ عن أجرامٍ كوكبيَّة صغيرةٍ جدًّا مرتكزةٍ في فلَك الثَّوابت على هذا السَّمْت المخصوص. ولا ريب أنَّ الوقوفَ على طبائعها متعذِّر.

وثالثها: أن جميعَ الكواكب الثابتة المحسوسة لم يحصل الوقوفُ التامُّ


(١) تكونان عند تقاطع طريق الكواكب لطريق الشمس بممرِّها في البروج. انظر: «رسائل إخوان الصفا» (١/ ١٢٠).
(٢) وهما من سهام الكواكب السبعة، ويسمَّى الأول: سهم القمر، والثاني: سهم الشمس. انظر: «التفهيم لأوائل صناعة التنجيم» للبيروني (٢٨٣).
(٣) انظر: «المطالب العالية» للرازي (٨/ ١٥٣، ١٥٤).
(٤) (د): «المريية» بياءين، بتسهيل الهمز. (ت): «المرتبة». (ق): «المريبة». وكلاهما خطأ. وعلى الصواب في «السر المكتوم».