للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على طبائعها؛ لأن كلام الأحكاميِّين قليلُ الحاصل، لا سيَّما في طبائع الثَّوابت. نعم؛ غاية ما عندهم أنهم ادَّعوا أنهم كشَفوا (١) بعض الثَّوابت التي في القَدْر (٢) الأول والثاني، فأما البقيَّة فقلَّما تكلَّموا في معرفة طبائعها (٣).

ورابعها: أنَّ بتقدير أنهم عرفوا طبائعَ هذه الكواكب حالَ بساطتها، لكنْ لا شبهةَ أنه لا يمكِنُ الوقوفُ على طبائعها حالَ امتزاج بعضها بالبعض؛ لأنَّ الامتزاجات الحاصلةَ من طبائع ألف كوكبٍ أو أكثر بحسب الأجزاء الفلَكيَّة يبلغُ في الكثرة إلى حيث لا يَقْدِرُ العقلُ على ضبطها.

وخامسها: آلاتُ الرَّصَد لا تفي بضبط الثَّواني والثَّوالث (٤)، ولاشكَّ أنَّ الثانية الواحدة (٥) مثلُ الأرض كذا كذا ألف مرَّةٍ أو أقلُّ أو أكثر (٦)، ومع هذا التفاوت العظيم كيف يمكنُ الوصولُ إلى الغرض، حتى قيل: إنَّ الإنسانَ الشَّديدَ الجَرْي بين رَفْعِه رجلَه ووَضعِه الأخرى يتحركُ جِرمُ الفلَك الأقصى


(١) «السر المكتوم»: «جربوا».
(٢) غيَّرها ناشر (ط) إلى: «الفلك». فأخطأ. وقد قسم القدماء الكواكب الثابتة على ستِّ مراتب في العِظَم، سمَّوها: أقدارًا، فجعلوا أعظمها في القَدْر الأول، والتي دونها في القَدْر الثاني، وهكذا. انظر: «الزيج الصابي» (١٨٥)، و «صور الكواكب الثمانية والأربعين» (٣، ٤، ١٩)، وما سيأتي (ص: ١١٨٤).
(٣) «السر المكتوم»: «فقد اتفقوا على أنهم ما عرفوا طبائعها».
(٤) جمع ثانية وثالثة. فالفلك عندهم اثنا عشر برجًا، والبرج ثلاثون درجة، والدرجة ستون دقيقة، والدقيقة ستون ثانية، والثانية ستون ثالثة. انظر: «رسائل الإخوان الصفا» (١/ ١١٥).
(٥) «السر المكتوم»: «الثانية الواحدة من الفلك».
(٦) «السر المكتوم»: «مثل الأرض ألف ألف مرة أو أكثر».