للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غايةَ الخير والأفعال الحميدة، وهذا غايةَ الشرِّ والأفعال الخبيثة، والشُّعاعُ قد سَخَّنَ مراكبها (١)، فما المُوجِبُ لانفعال نفسَيْهما عن هذا التَّسخين هذا الانفعالَ المتباعِدَ المتناقض (٢)؟!

وأيضًا؛ فما المُوجِبُ لاختلاف القَوابِل، وتأثيرُ الكواكب فيها بطَبْعِه وتسخينه وتبريده؟! فكيف اختلفت القَوابِلُ هذا الاختلافَ العظيم وهي مستندةٌ إلى تأثيرٍ واحد؟!

الوجه السادس عشر: أنَّ رجلًا لو جلس في دارٍ لها بابان، شرقيٌّ وغربيٌّ، فسأل المنجِّمَ وقال: مِنْ أيِّهما يقتضي الطالعُ خروجي؟ فإذا قال له المنجِّم: من الشرقيِّ، أمكَنَه تكذيبُه والخروجُ من الغربي، وبالعكس، وكذلك السَّفرُ في يومٍ واحد، وابتداءُ البناء وغيره في يومٍ يعيِّنه له المنجِّم ويحكمُ باقتضاء الطالع له من غير تقُّدمٍ عنه ولا تأخُّر، فإنه يُمْكِنُه تكذيبُه في ذلك أجمَع (٣).

فإن قلتم: إنَّ المنجِّم إذا أخبره بما يفعلُه ويختارُه يصيرُ ذلك داعيًا له إلى أن يخالِفَه في قوله ويكذِّبه، فالطريقُ إلى علَّة تصديقه (٤) أن يحكُم ذلك المنجِّم على معيَّنٍ، ويكتبه في كتابٍ ويخفيه، أو يذكرَه لإنسانٍ آخر ويخفيه عن صاحب الواقعة، فهاهنا يظهرُ صدقُ المنجِّم!


(١) (د، ق): «مراكبهما». والبدن مَرْكَبٌ للنفس. انظر: «الروح» (٤٩٩، ٣٢٥)، و «روضة المحبين» (١١٥)، و «مجموع الفتاوى» (٥/ ٤٥٧).
(٢) (ت): «المتنافر».
(٣) انظر: «الفِصَل» (٥/ ١٥٠)، و «رسائل الشريف المرتضى» (٢/ ٣٠٥)، و «شرح نهج البلاغة» (٦/ ٢٠٢).
(٤) (ط): «علم صدقه».