للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا هاهنا ضرورةٌ تدعو إلى القول به.

ولا هو أوَّلٌ في العقول (١).

ولا يأتون عليه ببرهانٍ ولا دليلٍ مقنع.

وهذه هي الطُّرقُ التي تثبتُ بها الموجودات، ويُعْلَمُ بها حقائقُ الأشياء، لا طريقَ هاهنا غيرها، ولا شيءَ لأحكام النجوم منها.

وأنا أبتداءُ الآن بوصف جملةٍ من اختلافهم في الأصول التي يبنونَ عليها أمرَهم، ويفرِّعون عنها أحكامَهم (٢)، وأذكرُ المستبشَع من أقاويلهم وقضاياهم وظاهر مناقضاتهم، ثمَّ آتي بطرفٍ من احتجاجهم والاحتجاج عليهم، والله الموفِّق للصواب بفضله.

ذِكرُ اختلافهم في الأصول

زعموا جميعًا: أنَّ الخيرَ والشرَّ والإعطاء والمنعَ وما أشبه ذلك يكونُ في العالَم بالكواكب، وبحسب السُّعود منها والنُّحوس، وعلى حسب كونها في البروج الموافقة والمنافرة لها، وعلى حسب نظرها بعضِها إلى بعض من التسديس والتربيع والتثليث والمقابلة، وعلى حسب مُجَاسدة (٣) بعضها بعضًا (٤)، وعلى حسب كونها في شَرفها وهبوطه ووَبالها.


(١) وهو ما لا يفتقر بعد توجُّه العقل إليه إلى حدسٍ أو تجربة، كقولنا: الواحد نصف الاثنين. «التعريفات» (٥٨).
(٢) (ت): «وينزعون بها أحكامهم».
(٣) (ق): «محاشدة». تحريف. انظر: «الزيج الصابي» للبتاني (١٩٤، ١٩٦)، و «رسائل إخوان الصفا» (٤/ ٣٣٥).
(٤) قوله: «وعلى حسب مجاسدة بعضها بعضًا» ليس في (ت).