للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ اختلفوا على أيِّ وجهٍ يكونُ ذلك؟

فزعم قومٌ منهم أنَّ فعلَها بطبائعها، وزعمَ آخرون أنَّ ذلك ليس فعلًا لها لكنَّه يدلُّ عليه بطبائعها».

قلت: وزعمَ آخرون أنها تفعلُ في البعض بالعَرَض، وفي البعض بالذَّات.

قال: «وزعمَ آخرون أنها تفعلُ بالاختيار لا بالطبع، إلا أنَّ السَّعدَ منها لا يختارُ إلا الخير، والنَّحسَ منها لا يختارُ إلا الشرَّ. وهذا بعينه نفيٌ للاختيار؛ فإنَّ حقيقةَ القادر والمختار القدرةُ على فعل أيِّ الضدَّين شاء، وتركِ أيهما شاء».

قلت: ليس هذا بشيء؛ فإنه لا يلزمُ من كون المختار مقصورَ الاختيار على نوع واحدٍ سَلْبُ اختياره، ولكنَّ الذي يُبْطِلُ هذا أنهم يقولون: إنَّ الكوكبَ النَّحسَ سَعدٌ في برج كذا، وفي بيت كذا، وإذا كان الناظرُ إليه من النجوم كذا وكذا، وكذلك الكوكبُ السَّعْد.

ويقولون: إنها تفعلُ بالذَّات خيرًا، وبالعَرَض شرًّا، وبالعكس.

وقد يقولون: إنها تختارُ في زمانٍ بعد زمانٍ خلافَ ما تختارُ في زمانٍ آخر، وقد تتفق كلُّها أو أكثرُها على إيثار الخير (١)، فيكونُ في العالم في ذلك الوقت على الأكثر الخيرُ والنفعُ والحُسْن. قالوا: كما كان في زمن هُرمز (٢) وفي أيام أنوشِروان. وبضدِّ ذلك أيضًا.


(١) (ت): «إكثار الخير».
(٢) (ق، ت): «تهمز». والمثبت من (ط). وهرمز هو ابن أنوشروان. من ملوك الفرس.