فيقال: إذا كانت مختارةً، وقد تتفقُ على إرادة الخير وعلى إرادة الخير والشرِّ، بطلَ دلالةُ حصولها في البروج المعيَّنة، ودلالةُ نظر بعضها إلى بعض بتسديسٍ أو تربيعٍ أو تثليثٍ أو مقابلة؛ لأنَّ هذا شأنُ من لا يقعُ فعلُه إلا على وجهٍ واحدٍ في وقتٍ معيَّن على شروطٍ معيَّنة. ولا ريب أنَّ هذا ينفي الاختيار.
فكيف يصحُّ قولكم بذلك وجمعُكم بين هاتين القضيتين ــ أعني جواز اختيارها في زمانٍ خلافَ ما تختاره في زمانٍ آخر، وجواز اتفاقها على الخير واتفاقها على الشرِّ ــ من غير ضابطٍ ولا دليلٍ يدلُّكم عليه، ثم تحكمون بتلك الأحكام مستندين فيها إلى حركاتها المخصوصة، وأوضاعها، ونسبة بعضها إلى بعض؟!
قال:«وزعمَ آخرون أنها لا تفعلُ باختيار، بل تدلُّ باختيار. وهذا كلامٌ لا يُعْقَلُ معناه، إلا أني ذكرتُه لمَّا كان مَقُولًا.
واختلفوا؛ فقالت فرقة: من الكواكب ما هو سَعدٌ، ومنها ما هو نَحس، وهي تُسْعِدُ غيرَها وتَنْحَسُه.
وقالت فرقة: هي في أنفسها طبيعةٌ واحدة، وإنما تختلفُ دلالتُها على السُّعود والنُّحوس، وإن لم تكن في أنفسها مختلفة.
واختلفوا؛ فقال قوم: إنها تؤثِّر في الأبدان والأنفس جميعًا.
وقال الباقون: بل في الأبدان دون الأنفس».
قلت: أكثرُ المنجِّمين على القول بأنها تُسْعِدُ وتَنْحَسُ غيرَها.
وأمَّا الفرقةُ التي قالت: هي دالَّةٌ (١) على السَّعدِ والنَّحس، فقولُهم وإن