للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا تلبيسٌ منه؛ فإن الأدكنَ فيه شائبةُ البياض والسَّواد، فلذلك صدَق عليه اسمُهما؛ لأن الكيفيَّتين محسوستان فيه، فتكيُّفه بهما أوجب أن يقال عليه الاسمان.

وأمَّا تقسيمُ الكواكب إلى الذُّكور والإناث، فهي قسمةٌ وضعتم فيها تمييز كلِّ نوعٍ عن الآخر بحقيقته وطبيعته وحدِّه (١)، وقلتم: البروجُ تنقسمُ إلى ذكورٍ وإناثٍ قسمةً تميَّز فيها عن قسمٍ غيرُ قسمِه (٢)، لا أنَّ حقيقتها متركبةٌ من طبيعتين ذكوريَّةٍ وأنوثيَّة بحيث يصدُقان على كلِّ برجٍ برج. فنظيرُ ما ذكرتم من الأدكن أن يكون كلُّ برجٍ ذكرًا وأنثى. فأين أحد البابين من الآخر لولا التلبيسُ والمحال؟!

وأيضًا؛ فانقسامُها إلى الذُّكور والإناث انقسامٌ بحسب الطبيعة والتأثير والتأثُّر الذي هو الفعل والانفعال، وما كان كذلك لم تنقلب حقيقتُه وطبيعتُه بحسب الموضع والقُرب والبُعد.

قال صاحب الرِّسالة: «وزعموا أنَّ القمرَ منذ الوقت الذي يُهِلُّ فيه إلى وقت انتصافه الأول في الضوء يكونُ فاعلًا للرطوبة خاصَّة، ومنذ وقت انتصافه الأول في الضوء إلى وقت الامتلاء يكونُ فاعلًا للحرارة، ومنذ وقت الامتلاء إلى وقت الانتصاف الثاني في الضوء يكونُ فاعلًا لليُبس، ومنذ وقت الانتصاف إلى الوقت الذي يخفى فيه ويفارقُ الشَّمس يكونُ فاعلاً للبرودة.


(١) «وحدِّه» ليست في (ق).
(٢) (ت): «عن قسم عن غير قسمة». (ط): «تميز فيها قسم عن قسم».