للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيُّ شيءٍ أقبحُ من هذا؟! ولا سيَّما وقد أعطى قائلُه أن القمرَ رطبٌ، وأنه يفعلُ بطبعه لا باختياره، وكيف [يمكن] أن يفعلَ شيءٌ واحدٌ بطبعه الأشياءَ المتضادَّة مرةً في الدهر، فضلًا عن أن يفعلها في كلِّ شهر؟! وهل القولُ بأن شيئًا واحدًا يفعلُ بطبعه الترطيبَ في وقتٍ، ويفعلُ بطبعه التجفيفَ في آخر، ويفعلُ الإسخانَ في وقتٍ، ويفعلُ التبريدَ في آخر= إلا كالقول بأنَّ شيئًا واحدًا تنقلبُ عينُه وقتًا بعد وقت؟!».

قلت: قد قالوا: إنَّ الشَّمس لما كانت تفعلُ هذه الأفاعيل بحسب صُعودها وهبوطها في فلَكها، فإنها إذا كانت من خمسة عشر (١) درجةً من الحوت إلى خمسة عشر من الجوزاء فعلَت التَّرطيب، وهو زمانُ الرَّبيع، وكذلك من خمسة عشر درجةً من الجوزاء إلى خمسة عشر درجةً من السُّنبلة تفعلُ التَّسخين، وهو زمان القَيظ، ومن خمسة عشر درجةً من السُّنبلة إلى خمسة عشر درجةً من القوس تفعلُ التجفيف، وهو زمان الخريف (٢)، وكذلك من خمسة عشر درجةً من القوس إلى خمسة عشر درجةً من الحوت تفعلُ التبريد، وهو زمانُ الشتاء، وهذا دورُها في الفلَك مرَّةً في العام، والقمرُ يدورُه (٣) في شهرٍ واحد= صارت نسبةُ دور القمر في الفلَك كنسبة دور الشَّمس فيه، فكانت نسبةُ الشَّهر إلى القمر كنسبة السَّنة إلى الشَّمس، فالشَّهر يجمعُ الفصولَ الأربعة كما تجمعُه السَّنة، وما تفعلُه الشَّمس في كلِّ تسعين يومًا وكسرٍ يفعلُه القمرُ في سبعة أيَّامٍ وكَسْر.


(١) كذا في الأصول. ولها نظائر في كتب المصنف. وأصلحها ناشر (ط).
(٢) من قوله: «وكذلك من خمسة عشر درجة من الجوزاء» إلى هنا ساقط من (ق).
(٣) (ق): «يدور».