للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الجملة؛ ينبغي أن يأخُذ أوَّلًا (١) حالات القضاء الكلِّي، ثمَّ يأخُذ حالات القضاء الجزئي؛ ليعلمَ منها حالات الأمر (٢) في الزِّيادة والنقصان.

وكذلك يجبُ ضرورةً أنْ يقدِّم في قسمة الأزمان أصنافَ الأسنان (٣) الزمانية، وموافقتَها لكلِّ واحدٍ من الأحداث، وأن يتفقَّد أمرَها؛ لئلَّا يغلطَ في وقتٍ من الأوقات في الأعراض العامِّية البسيطة التي ينظرُ فيها في المواليد، فيقول: إنَّ الطفلَ يباشرُ الأعمالَ أو يتزوجُ أو يفعلُ شيئًا من الأشياء التي يفعلُها من هو أتمُّ سنًّا منه، وإنَّ الشيخَ الفاني يُولَدُ أو يفعلُ شيئًا من أفعال الأحداث.

وهذا ونحوه يدلُّ على أنَّ الأمورَ وغيرها إنما هي بحسب اختلاف العوائد والسُّنن والبلاد وخواصِّ الأنفس، واختلافُ الأسنان والأغذية وقُواها أيضًا فيها تأثيرٌ قوي، وكذا الهواءُ والتُّربةُ واللباسُ وغيرها، كلُّ هذه لها تأثيرٌ في الأخلاق والأعمال، وأكبرُها: العوائدُ، والمَرْبا، والمنشأ.

فإحالةُ هذه الأمور على الكواكب والطالع والمقارنة والمفارقة والمناظرة (٤) من أبين الجهل، ولهذا اضطرَّ إمامُ المنجِّمين ومعلِّمهم (٥) إلى


(١) (ق): «أن أو لا».
(٢) (د، ق): «ليعلم منها الأمر».
(٣) (ت): «الإنسان». (ق): «الأشنان».
(٤) في الأصول: «والناظر». والمثبت أشبه.
(٥) وهو بَطْليموس. قال القفطي في ترجمته من «أخبار الحكماء» (١٣٠): «وما أعلم أحدًا بعده تعرَّض لتأليف مثل كتابه المعروف بالمجسطي، ولا تعاطى معارضته، بل تناوله بعضهم بالشرح والتبيين ... ، وإنما غاية العلماء بعده التي يجرون إليها، وثمرة عنايتهم التي يتنافسون فيها: فهم كتابه على مرتبته، وإحكام جميع أجزائه على تدريجه ... ».