للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراعاة هذه الأمور، وأخبرَ أنَّ الحاكمَ بدون معرفتها والتشبُّث بها يكونُ مخطئًا.

وحينئذٍ، فالطالعُ المعتبر المؤثِّر إنما هو طالعُ العوائد والسُّنن والبلاد، وخواصِّ هيآت النفوس الإنسانية، وقُوى أغذية أبدانها وهوائها وتربتها، وغير ذلك مما هو مشاهدٌ بالعيان تأثيرُه في ذلك.

أفليس مِن أبين الجهل الإعراضُ عن هذه الأسباب، والحَوالةُ على حركات النجوم واجتماعها وافتراقها ومقابلتها في تربيعٍ أو تثليثٍ أو تسديسٍ مما لو صحَّ لكان غايتُه أن يكون جزءَ سببٍ من الأسباب التي تقتضي هذه الآثار؟!

ثمَّ إنَّ لها من المقارنات والمفارقات والصَّوارف والعوارض ما لا يحصِي المنجِّمُ القليلَ من عُشر معشاره، أفليس الحكمُ بمجرَّد معرفة جزءٍ من أجزاء السَّبب بالظَّنِّ والحَدْس أو التقليد لمن حَسُنَ ظنُّه به حكمٌ كاذب؟!

ولهذا كذِبُ المنجِّم أضعافُ أضعاف صدقِه بكثير، حتى إنَّ [صِدْق] بعض الزَّرَّاقين، وأصحاب الكشف، وأرباب الفراسة، والحَزَّائين (١)، أكثرُ من صدق هؤلاء بكثير (٢)، وما ذاك إلا لأنَّ المجهول مِن جُمَل (٣) الأسباب


(١) هم الكهَّان الناظرون في النجوم. وأصل الحزو: الخرص والتقدير. «اللسان».
(٢) انظر: «رسائل الشريف المرتضى (٢/ ٣٠٨، ٣٠٩)، و «البصائر والذخائر» (٦/ ١٠١).
(٣) في الأصول: «حمل». بالمهملة. والمثبت من (ط).