للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما يعارضُها ويمنعُ تأثيرَها أكثرُ من المعلوم منها، فكيف لايقعُ الكذبُ والخطأ؟! بل لا يكادُ يقعُ الصِّدقُ والصوابُ إلا على سبيل التصادف (١).

ونحن لا ننكرُ ارتباطَ المسبَّبات بأسبابها، كما ارتكبه كثيرٌ من المتكلِّمين، وكابروا العِيان، وجحَدوا الحقائق، كما أنَّا لا نرضى بهذَيانات الأحكاميِّين ومحالاتهم، بل نُثْبِتُ الأسبابَ والمسبَّبات والعِللَ والمعلولات، ونبيِّنُ مع ذلك بطلانَ ما يدَّعونه من علم أحكام النجوم وأنها هي المدبِّرةُ لهذا العالم، المُسْعِدةُ المُشْقِية، المُحْيِيةُ المُمِيتة، المعطيةُ للعلوم والأعمال والأخلاق والأرزاق والآجال، وأنَّ نظرَكم (٢) في هذا العلم موجبٌ لكم (٣) من علم الغيب ما انفردتم به عن سائر الناس، وليس في طوائف الناس أقلُّ علمًا بالغيب منكم، بل أنتم أجهلُ الناس بالغيب على الإطلاق!

ومن اعتبرَ حال حُذَّاقكم وعلمائكم واعتمادَهم على ملاحمَ (٤) مُركَّبةٍ من إخبارات بعض الكهَّان، ومناماتٍ وفراساتٍ وقصصٍ متوارثةٍ عن أهل الكتاب وغيرهم، ومَزْج ذلك بتجاربَ حصلت، مع اقتراناتٍ نجوميةٍ


(١) في الأصول: «التصاديف». والمثبت من (ط).
(٢) التفات.
(٣) (ت): «يوجب لكم».
(٤) جمع: ملحمة. وهي تأليفٌ قصصيٌّ منظومٌ - في الغالب - أو نثريٌّ، طويل، في وصف الحروب والوقائع والفتن الماضية والمستقبلة. وفيه كتبٌ كثيرة، والغالب عليها الكذب والخرافة. انظر: «الجامع» للخطيب (٢/ ١٦٢)، و «مجموع الفتاوى» (٤/ ٧٩)، و «زاد المعاد» (٣/ ٢٣٧، ٥/ ٧٨٨)، و «أبجد العلوم» (٢/ ٥١٨، ٥١٩).