للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقيل في المجلس: لِمَ خلا علمُ النجوم من الفائدة والثمرة، وليس علمٌ من العلوم كذلك، فإنَّ الطِّبَّ ليس على هذه الحال ــ ثمَّ ذُكِرت فائدتُه والمنفعةُ به، وكذلك الحسابُ والنحوُ والهندسةُ والصَّنائعُ ذُكِرَت وذُكِرَت منافعُها وثمراتُها ــ؟

ثمَّ قال السائل: وليس علمُ النجوم كذلك؛ فإنَّ صاحبه إذا استقصى (١)، وبلغَ الحدَّ الأقصى في معرفة الكواكب، وتحصيل سَيرها واقترانها ورجوعِها ومقابلتها، وتربيعِها وتثليثها وتسديسها، وضُروب مزاجِها في مواضعها من بروجها وأشكالها، ومطالعِها ومقاطِعها (٢) ومغاربها ومشارقِها ومذاهبها، حتى إذا حَكَمَ أصاب، وإذا أصابَ حَقَّق، وإذا حقَّقَ جَزَم، وإذا جَزَم حَتَم= فإنه لا يستطيعُ البتة قَلْبَ شيءٍ عن شيء، ولا صرفَ شيءٍ عن شيء (٣)، ولا تبعيدَ حالٍ قد دَنَتْ، ولا نفيَ مُلِمَّةٍ (٤) قد اكتُتِبَت (٥)، ولا رفعَ سعادةٍ قد أجَمَّت وأطَلَّت (٦)، أعني: أنه (٧) لا يقدرُ على أن يجعل الإقامةَ سفرًا، ولا الهزيمةَ ظفرًا، ولا العقدَ حلًّا (٨)، ولا الإبرامَ نقضًا، ولا اليأسَ رجاءً، ولا الإخفاقَ دَرَكًا، ولا العدوَّ صديقًا، ولا الوليَّ عدوًّا، ولا البعيدَ قريبًا، ولا القريبَ بعيدًا.


(١) «المقابسات»: «إن استقصى».
(٢) في الأصول: ومعاطفها». والمثبت من «المقابسات».
(٣) «المقابسات»: «صرف أمر إلى أمر».
(٤) في الأصول: «ملة». وهو تحريف. والمثبت من «المقابسات».
(٥) «المقابسات»: «ألمَّت». وفي (ز): «كتبت».
(٦) «المقابسات»: «وأظلت». بالمعجمة.
(٧) في الأصول: «امر». وهو تحريف. والمثبت من «المقابسات».
(٨) في الأصول: «فلا». وهو تحريف. والمثبت من «المقابسات».