للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنَّ العالِمَ به، الحاذق المتناهي في خفيَّاته (١)، بعد هذا التَّعب والنَّصَب، وبعد هذا الكدِّ والدَّأب، وبعد هذه الكُلفة الشَّديدة والمُؤنة الغليظة (٢)، هو مستسلمٌ (٣) للمقدار، مُسْتَجْدٍ (٤) لما يأتي به الليلُ والنهار، وعادت حالُه مع علمه الكثير (٥) إلى حال الجاهل بهذا العلم الذي انقيادُه كانقياده، واعتبارُه كاعتباره (٦)، ولعلَّ توكُّل الجاهل أحسنُ من توكُّل العالم به، ورجاءه (٧) في الخير المشتهى (٨) ونجاته من الشرِّ المتوقَّى أقوى وأصحُّ (٩) من رجاء هذا المُدِلِّ بزِيجِه وحسابه وتقويمه وأسطُرلابه.

ولهذا لما لقي أبو الحسين النُّوري (١٠) ما شاء الله (١١) المنجِّم قال له:


(١) «المقابسات» (ز): «في حقائقه».
(٢) في الأصول: «والمعرفة الغليظة». والمثبت من «المقابسات».
(٣) في الأصول: «مستلزم». تحريف. والمثبت من «المقابسات».
(٤) «المقابسات»: «مستحذ». والمثبت من الأصول و (ز).
(٥) «المقابسات»: «الكبير».
(٦) «المقابسات»: «واعتياده كاعتياده». والمثبت من الأصول و (ز).
(٧) في الأصول: «ورضاه». وهو تحريف. والمثبت من «المقابسات».
(٨) «المقابسات»: «المتمنى». (ز، س): «المتوقع».
(٩) «المقابسات»: «وأفسح». (ز، س): «وأرسخ».
(١٠) كذا في الأصول. وهو خطأ. وفي «المقابسات» و «البصائر والذخائر» (٥/ ٣٠): «الثوري» بلا كنية. وهو الصواب. وفي «أخبار الحكماء» (٤٣٧): «سفيان الثوري». وانظر: «البيان والتبين» (٤/ ١٣). وأظن المصنف ظنَّه «النوري» فزاد كنيته من عنده. وأبو الحسين النوري شيخ الصوفية بالعراق لعصره، متأخر (ت: ٢٩٥). انظر: «السير» (١٤/ ٧٠).
(١١) في الأصول: «ماشا». والمثبت من «المقابسات»، و «البصائر والذخائر»، و «أخبار الحكماء». وهذا لقبه، واسمه ميشا، وهو منجمٌ يهودي، كان في زمن المنصور، وعاش إلى أيام المأمون.