للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنت تخاف زُحَل وأنا أخافُ ربَّ زُحَل، وأنت ترجو المشتري وأنا أعبدُ (١) ربَّ المشتري، وأنت تغدو بالاستشارة (٢) وأنا أغدو بالاستخارة، فكم بيننا؟!

وهذا أنوشروان ــ وكان من الملوك (٣) الأفاضل ــ كان لا يَرْفَعُ بالنجوم رأسًا، فقيل له في ذلك، فقال: صوابُه يُشْبِهُ الحَدْس، وخطؤه شديدٌ على النفس.

فمتى أفضى هذا الفاضلُ النِّحريرُ، والحاذقُ البصير، إلى هذا الحدِّ والغاية؛ كان علمُه عاريًا من الثمرة، خاليًا من الفائدة، حائلًا عن النتيجة، بلا عائدةٍ ولا مَرْجُوع.

وإنَّ أمرًا أوَّلُه على ما قرَّرنا، وآخرُه على ما ذكرنا، لحريٌّ أن لا يُشْغَلَ الزمانُ به، ولا يُوهَبَ العمرُ له، ولا يُعَارَ (٤) الهمَّ والكدَّ (٥)، ولا يُعاجَ عليه (٦) بوجهٍ ولا سبب.


(١) «المقابسات» و «البصائر والذخائر»، و «أخبار الحكماء»: «أرجو».
(٢) استشارة النجوم. وفي (ت): «تعدو بالإشارة». وهو تحريف.
(٣) «المقابسات» (ز، س): «من المغفلين»!. وهو تحريفٌ طريف، والصواب: «المعقَّلين» أي: الأذكياء. انظر: «تكملة المعاجم» لدوزي (٧/ ٢٦٩)، ومقدمة تحقيق «الهفوات النادرة» (٣١). ولعل ابن القيم استشكلها فغيَّرها.
(٤) «المقابسات»: «يقارَّ». والمثبت من الأصول و (ز، س).
(٥) «المقابسات» (ز، س): «والكدر».
(٦) أي: ولا يلتفَت إليه. وفي «المقابسات» (ز، س): «يعاد عليه».