للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحركاته، ويقول في بعضها: رأيتُ الملك يقولُ (١) كذا وكذا (٢) ويفعلُ كذا وكذا، وهذا يدلُّ على كذا وكذا، وإنما جرَّأه هذه الجرأة على هذا الحُكم والبتِّ أنه قد مَلَكَ لَحْظَ المَلِك ولفظَه، وحركتَه وسكونَه، وتعريضَه وتصريحَه، وجدَّه وهزلَه، وشكلَه وسَجِيَّته (٣)، وتجعُّدَه واسترسالَه، ووُجومَه ونشاطَه، وانقباضَه وانبساطَه، وغضبه ورضاه.

ثمَّ هَجَسَ في نفس هذا المَلِك هاجس، وخطر بباله خاطر، فقال: أريدُ أن أعمَل عملًا، وأُوثِر أثرًا، وأُحدِثَ حالًا، لا يقفُ عليها أوليائي، ولا المطيفون بي (٤)، ولا المختصُّون بقُربي (٥)، ولا المتعلِّقون بحِبالي، ولا أحدٌ من أعدائي والمتتبِّعين لأمري والمُحْصِين لأنفاسي، ولا أدري كيف أفتتحُه ولا أقترحه؛ لأنِّي متى تقدَّمتُ في ذلك إلى كلِّ من يلوذُ بي ويطيفُ بناحيتي، كان الأمرُ في ذلك نظيرَ جميع أموري، وهذا هو الفسادُ الذي يلزمني تجنُّبه، ويجبُ عليَّ التيقظُ فيه.

فيقدحُ له الفكرُ الثاقبُ أنه ينبغي أن يتأهَّب للصَّيد ذاتَ يوم، فيتقدَّمُ بذلك، ويذيعُه، فيأخذُ أصحابُه وخاصَّتُه في أُهْبَة ذلك وإعداد الآلة، فإذا تكامَل ذلك له أصْحَر للصَّيد، وتقلَّب (٦) في البيداء، وصمَّم على ما يلوحُ له،


(١) في الأصول: «يفعل». والمثبت من «المقابسات».
(٢) «المقابسات» (ز، س): «ويقول في بعضها: يترك كذا وكذا».
(٣) «المقابسات»: «وسحنته». وهي محتملة. والمثبت من الأصول و (ز، س).
(٤) في الأصول: «المطيعون لي». والمثبت من «المقابسات» أشبه.
(٥) (ت): «بقولي». (ق، د): «بقوله». والمثبت من «المقابسات».
(٦) «المقابسات» (ز، س): «وتطلب».