للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دونه المطلب (١)، وفاتَ المطلوب، وعزبَ عنه الرأي؟

هذا، ولا خطأ له في الحساب، ولا نقصَ في قصد الحقِّ (٢).

وهذا كي يُلاذَ بالله وحده في الأمور كلِّها، ويُعْلَمَ أنه مالكُ الدُّهور، ومدبِّر الخلائق، وصاحبُ الدواعي والعلائق، والقائمُ على كلِّ نَفْس، والحاضرُ عند كلِّ نَفَس، وأنه إذا شاء نفَع، وإذا شاء ضَرَّ، وإذا شاء عافى، وإذا شاء أسقَم، وإذا شاء أغنى، وإذا شاء أفقر، وإذا شاء أحيا، وإذا شاء أمات، وأنه كاشفُ الكربات، مغيثُ ذوي اللَّهَفات، قاضي الحاجات، مجيبُ الدعوات، ليس فوق يده يد، وهو الأحدُ الصمد، على الأبد والسَّرمد.

* وقال آخر (٣): هذه الأمورُ وإن كانت مَنُوطةً بهذه العُلويَّات، مربوطةً بالفلَكيَّات، عنها تَحْدُث، ومن جهتها تنبعث، فإنَّ في عرضها ما لا يستحقُّ أن يُنسَبَ إلى شيءٍ منها إلا على وجه التقريب.

ومثالُ ذلك: ملكٌ له سلطانٌ واسع، ونعمةٌ جمَّة، فهو يُفْرِدُ كلَّ أحدٍ بما هو لائقٌ به، وبما هو ناهضٌ فيه، فيولِّي بيتَ المال مثلًا خازنًا أمينًا كافيًا شهمًا يفرِّقُ على يده، ويجمعُ (٤) على يده، ثمَّ إنَّ هذا الملك قد يضعُ في هذه الخزانة شيئًا لا علمَ للخازن به، وقد يُخْرِجُ منها شيئًا لا يقفُ الخازنُ


(١) «المقابسات» (ز، س): «الطلب».
(٢) «المقابسات»: «ولا تقصير في الحق».
(٣) وهو الحرَّاني الصوفي، وكان قد شام شيئًا من الحكمة، ولم يكن حاضرًا بالمجلس إنما سمع أبو حيان منه هذا بمكة قديمًا، كما قال.
(٤) في الأصول: «ويخرج». والمثبت من «المقابسات».