للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عظيم، وخَطْبٍ جسيم، وشأنٍ هائل، فكلٌّ يقولُ عند ذلك (١): ما أعجبَ هذا! من فعل هذا؟! متى تهيَّأ هذا؟! هذا صاحبُ البريد ليس عنده منه أثر، هذا صاحبُ المعونة وهو عن الخبر بمَعْزِل، وهذا الوزيرُ الأكبر وهو متحيِّر، وهذا القاضي وهو متفكِّر، وهذا حاجبُه وهو ذاهل. وكلُّهم عن الأمر الذي دَهَمَ غافل. وقد قضى الملكُ مأربتَه، وأدرك حاجتَه، وطلب بغيتَه، ونال غَرَضَه.

فكذلك ينظرُ المنجِّمُ إلى زُحَل والمشتري والمرِّيخ والشَّمس والقمر وعطارد والزُّهَرة، وإلى البروج وطبائعها، والرأس والذَّنب وتقاطعهما، والهِيلاج والكَدْخُداه (٢)، وإلى جميع ما دانى هذا وقارَبه (٣) وكان له فيه نتيجةٌ وثمرة، فيحسبُ ويمزجُ ويرسُم، وتنقلبُ عليه أشياء كثيرةٌ من سائر الكواكب التي لها حركاتٌ بطيئةٌ وآثارٌ مَطْويَّة، فينبعثُ مما (٤) أهملَه وأغفلَه وأضرَبَ عنه ولم يتَّسع له= ما يملكُ عليه حِسَّه وعقلَه وفِكرَه ورويَّته، حتى لا يدري مِن أين أُتِي؟ ومِن أين دُهِي؟ وكيف انفرَج (٥) عليه الأمر، وانسدَّ


(١) في الأصول: «فكل يقول ذلك عند ذلك».
(٢) (ق، د): «الكامداه». (ت): «الكاملان». وهو تحريف. والمثبت من «المقابسات». والهيلاج والكدخداه: كوكبا المولود. فالأول لرزقه والثاني لعمره؛ فإن ولد في صعوده كان زائدًا فيه، وإن كان في هبوطه كان بعكسه، في زعم المنجمين. انظر: «قصد السبيل» (٢/ ٣٨٦)، و «مفاتيح العلوم» (٢٠٣)، و «شرح المختار من لزوميات أبي العلاء» للبطليوسي (١/ ١٤٢)، و «الفهرست» (٣٧٥، ٣٨٣، ٣٨٦)، و «ديوان ابن الرومي» (٢/ ٤٩٠).
(٣) (ق، د): «وقارنه». وفي (ت): «وفاته». والمثبت من «المقابسات».
(٤) في الأصول: «فيما». والمثبت من «المقابسات». وفي (ز، س): «بما».
(٥) «المقابسات» (ز، س): «امتزج».