للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعجبُ من هذا كلِّه تشكُّلُ الفلَك بشكلٍ وحصولُ طالعِ سعدٍ فيه باتفاق ملئكم، فيحدُث معه مِن علوِّ كلمة مَن لا تعبؤون به (١) ولا تعدُّونه، وظهورِ أمرهم، واستيلائهم على المملكة والرياسة والعزِّ والجاه (٢)، ولَهَجِهم بذمِّكم (٣) وعَيبكم وإبداء جهلكم وزندقتكم وإلحادكم، فتحتاجون (٤) أن تَنْضَوُوا إليهم، وتعتصموا بحبلهم، وتترَّسوا بهم، وتقولون لهم بألسنتكم ما تنطوي قلوبُكم على خلافه، مما لو أظهرتموه لكنتم حصائدَ سيوفهم كما صرتُم حصائدَ ألسنتهم.

فأيُّ سعدٍ في هذا الطالع لعمري، أم أيُّ خيرٍ فيه؟!

وليت شعري، كيف لم يوجب لكم هذا الطالعُ بارقةً من سعادة، أو لائحًا من عزٍّ وقبول؟!

ولكن هذه حكمةُ ربِّ الطالع (٥)، ومدبِّر الفلَك وما حواه، ومسخِّر الكواكب ومجريها على ما يشاءُ سبحانه، أنْ جعَلكم كالذِّمَّة (٦)، بل أذلَّ منهم، تحت قهر عبيده، وجعل سهامَ سعادتهم من كلِّ خيرٍ وعلمٍ ورياسةٍ وجاهٍ أوفرَ من سِهامكم، وبيوتَ شرَفهم في هذا العالم أعمرَ من بيوتكم، بل خرَّبَ بيوتكم بأيديهم، فلا ينعمرُ منها بيتٌ إلا بالانضمام إليهم والانتماء إلى


(١) (ت): «يعبأ به». (ق): «يعبأون به».
(٢) (ق): «الحياة». وهو تحريف.
(٣) (ق، د): «ولهجكم بذمكم». (ت): «ولجهلكم بذنبكم». والمثبت من (ط).
(٤) (د): «محتاجون».
(٥) (ت): «رب العالمين».
(٦) أي: كأهل الذِّمة. وكانوا أذلَّاء!