للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام.

ورُوِي أنه دخلَ الفضلُ بن سهلٍ على المأمون في اليوم الذي قُتِلَ فيه، وأخبره أنه يُقْتَلُ في هذا اليوم بين الماء والنار، فأنكرَ المأمونُ ذلك عليه، وقوَّى قلبَه، ثمَّ اتفقَ أنه دخلَ الحمَّام فقُتِلَ في الحمَّام (١)، وكان الأمرُ كما أخبر».

ثمَّ قال (٢): «واعلم أنَّ التجاربَ في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكرنا كفاية» (٣).

قلت: فهذا أقصى ما قرَّر به الرازيُّ كلامَ هؤلاء ومذهبَهم، ولقد نثَر الكنانة، ونَفَضَ الجَعْبة، واستفرغَ الوُسْع، وبذلَ الجهد، ورَوَّجَ وبَهْرَج، وقَعْقَعَ وفَرْقَع، وجَعْجَعَ ولا ترى طِحْنًا، وجمَع بين ما يُعْلَمُ بالاضطرار أنه كذبٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه، وبين ما يُعْلَمُ بالاضطرار أنه خطأٌ في تأويل كلام الله ومعرفة مراده.

ولا يروجُ ما ذكره إلا على مُفْرِطٍ في الجهل بدين الرسل وما جاؤوا به، أو مقلِّدٍ لأهل الباطل والمُحال من المنجِّمين وأقاويلهم، فإن جمَع بين الأمرين شَرِبَ كلامه شُربًا!

ونحن بحمد الله ومعونته وتأييده نبيِّنُ بطلانَ استدلاله واحتجاجه، فنقول:


(١) انظر: «وفيات الأعيان» (٤/ ٤٢)، و «محاضرات الأدباء» (١/ ٣٠٠).
(٢) أي: الرازي.
(٣) هذا آخر ما نقله المصنف من احتجاج الرازي لصناعة التنجيم.