للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* أمَّا الاستدلالُ بقوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}؛ فإنَّ أكثر المفسِّرينَ على أنَّ المراد هو الكواكبُ التي تسيرُ راجعةً تارةً ومستقيمةً أخرى، فهذا القولُ قد قاله جماعةٌ من المفسِّرين (١)، وأنها الكواكبُ الخمسة: زُحَل وعطارد والمشتري والمرِّيخ والزُّهَرة، ويروى عن عليٍّ (٢)، واختاره مقاتل (٣) وابن قتيبة (٤).

قالوا: وسمَّاها خُنَّسًا لأنها في سيرها تتقدَّمُ إلى جهة المشرق، ثم تَخْنُس، أي: تتأخَّر، وكنوسُها استتارُها في مغربها، كما تَكْنِسُ الظِّباءُ وبقرُ الوحش، أي: تأوي إلى كِناسها، وهي أكنَّتها.

وتسمَّى هذه الكواكب: المتحيِّرة؛ لأنها تسيرُ مستقيمةً وتسيرُ راجعة.

وقيل: كُنوسُها بالنسبة إلى الناظر وهو استتارُها تحت شعاع الشَّمس.

وقيل: هي النجوم كلُّها. وهو اختيارُ أبي عبيدة (٥)، وقاله الحسنُ وقتادة (٦).

وعلى هذا القول، فيكون القسَمُ بها باعتبار أحوالها الثلاثة: مِن طلوعها،


(١) انظر: «زاد المسير» (٩/ ٤٢)، و «تفسير الطبري» (٢٤/ ٢٥١). وقال المصنف في «أيمان القرآن» (١٨٤): «وهو الصواب».
(٢) أخرجه الطبري (٢٤/ ٢٥١)، وغيره. انظر: «الدر المنثور» (٨/ ٤٣١).
(٣) في «تفسيره» (٣/ ٤٥٦). وفي (ق): «ابن مقاتل». وهو خطأ.
(٤) في «غريب القرآن» (٥١٧)، و «الأنواء» (١٢٦).
(٥) في «مجاز القرآن» (٢/ ٢٨٧). وفي الأصول: «أبي عبيد». وهو تحريف. وعلى الصواب في «زاد المسير»، وهو مصدر المصنف.
(٦) أخرجه عنهما الطبري (٢٤/ ٢٥١، ٢٥٢).