للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد أبصرتُ في الطالع أنَّ فراشَك فارغ، وأرى روحًا ناظرةً إليك بعين الأُلفة والمحبة، خُطورُك عليه وخطورُه عليك (١)، وأرى لك من قِبَله منفعة، ولك به اتصالٌ وفرح.

أبيِّنُ لك على أيِّ سببٍ (٢) يكونُ اجتماعكما؟ نعم؛ فإن قال له: نعم، قال: هات، فإنَّ الذي أعطيتني قليل، فإذا أخذَ منه قال: اعلم أنه لا بدَّ لك من الاتصال بهذا الشَّخص على كلِّ حال، إلا أني أرى قد عُمِلَ لك عملٌ، وعُقِدَ لك عُقَد، وأنت في همٍّ وغمٍّ من ذلك، فإن شئتَ عملتُ لك كتابًا نافعًا يكونُ لك حِرْزًا من كلِّ ما تخافه وتحذرُه، ولا يزالُ يَفْتِلُ له في الذِّروة والغارب (٣) حتى يستكتبَه الحِرْز!

وكذبُ هذه الطائفة وجهلُها وزَرْقُها تغني شهرتُه عند الخاصَّة والعامة عن تكلُّف إيراده، وكلَّما كان المنجِّم أكذب، وبالزَّرْقِ أعرف، كان على الجُهَّال أرْوَج.

فصل

* وأمَّا قولُه: «إنَّ هذا علمٌ ما خلت عنه ملَّةٌ من الملل، ولا أمَّةٌ من الأمم، ولا يُعْرَفُ تاريخٌ من التواريخ القديمة والحديثة إلا وكان أهلُ ذلك


(١) تركيبٌ مولد. وفي (ص): «حضوره عليك وحضورك عليه».
(٢) (ت): «شيء».
(٣) مثلٌ يقال للرجل لا يزال يخدع صاحبه حتى يظفر به. وذروة البعير أعلاه. والغارب مقدَّم السنام، وأصل فتل الذروة في البعير هو أن يخدعه صاحبه ويتلطف له بفتل أعالي سنامه حكًّا حتى يسكن ويستأنس، فيتسلق بالزمام عليه. انظر: «جمهرة الأمثال» (٢/ ٩٨)، و «مجمع الأمثال» (٢/ ٦٩).